فصل: (فصل: مقدمة في البيع)

/ﻪـ 
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


كِتَابُ‏:‏ الْبَيْعِ

‏[‏فصل‏:‏ مقدمة في البيع‏]‏

قَوْلُهُ‏:‏ وهو مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ لِغَرَضِ التَّمَلُّكِ‏.‏

اعْلَمْ أَنَّ لِلْبَيْعِ معنيان ‏[‏معنيين‏]‏ مَعْنًى في اللُّغَةِ وَمَعْنًى في الِاصْطِلَاحِ فَمَعْنَاهُ في اللُّغَةِ دَفْعُ عِوَضٍ وَأَخْذُ مُعَوَّضٍ عنه‏.‏

وقال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِحَدِّهِ بَيَانَ مَعْنَى الْبَيْعِ في اللُّغَةِ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ الْبَيْعُ في اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عن الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إذَا تَنَاوَلَ عَيْنَيْنِ أو عَيْنًا بِثَمَنٍ‏.‏

واما مَعْنَاهُ في الِاصْطِلَاحِ فقال الْقَاضِي وابن الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُمَا هو عِبَارَةٌ عن الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إذَا تَضَمَّنَ عَيْنَيْنِ لِلتَّمْلِيكِ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ هو عِبَارَةٌ عن الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إذَا تَضَمَّنَ مَالَيْنِ لِلتَّمْلِيكِ فَأَبْدَلَ الْعَيْنَيْنِ بِمَالَيْنِ لِيَحْتَرِزَ عَمَّا ليس بِمَالٍ‏.‏

وَلَا يَطَّرِدُ الْحَدَّانِ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ الرِّبَا وَيَدْخُلُ الْقَرْضُ على الثَّانِي وَلَا يَنْعَكِسَانِ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ الْمُعَاطَاةِ وَخُرُوجِ الْمَنَافِعِ وَمَمَرِّ الدَّارِ وَنَحْوُ ذلك‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَيَدْخُلُ فيه عُقُودٌ سِوَى الْبَيْعِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هو بَيْعُ عَيْنٍ وَمَنْفَعَةٍ وما يتعلق ‏[‏تعلق‏]‏ بِذَلِكَ‏.‏

وقال الزَّرْكَشِيُّ حَدُّ الْمُصَنِّفِ هُنَا حَدٌّ شَرْعِيٌّ لَا لُغَوِيٌّ انْتَهَى‏.‏

قُلْت وهو مُرَادُهُ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ ذلك لَا بِصَدَدِ حَدِّهِ في اللُّغَةِ‏.‏

فَدَخَلَ في حَدِّهِ بَيْعُ الْمُعَاطَاةِ لَكِنْ يَرِدُ عليه الْقَرْضُ وَالرِّبَا فَلَيْسَ بِمَانِعٍ وَتَابَعَهُ على هذا الْحَدِّ صَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وقال في النَّظْمِ هو مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ بِغَيْرِ رِبًا‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هو مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ تَمْلِيكًا وَتَمَلُّكًا‏.‏

وقال في الْوَجِيزِ هو عِبَارَةٌ عن تَمْلِيكِ عَيْنٍ مَالِيَّةٍ أو مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ على التَّأْبِيدِ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ‏.‏

وَيَرِدُ عليه أَيْضًا الرِّبَا وَالْقَرْضُ‏.‏

وَبِالْجُمْلَةِ قَلَّ أَنْ يُسْلَمَ حَدٌّ‏.‏

قُلْت لو قِيلَ هو مُبَادَلَةُ عَيْنٍ أو مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ مُطْلَقًا بِأَحَدِهِمَا كَذَلِكَ على التَّأْيِيدِ فِيهِمَا بِغَيْرِ رِبًا وَلَا قَرْضٍ لَسَلِمَ‏.‏

فائدة‏:‏

اشْتِقَاقُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ من الْبَاعِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمُدُّ بَاعَهُ لِلْأَخْذِ منه‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَرُدَّ من جِهَةِ الصِّنَاعَةِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كان يُبَايِعُ صَاحِبَهُ أَيْ يُصَافِحُهُ عِنْدَ الْبَيْعِ وَلِذَلِكَ يُسَمَّى الْبَيْعُ صَفْقَةً‏.‏

وقال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ الْبَيْعُ مُشْتَقٌّ من الباع ‏[‏البائع‏]‏ وكان أَحَدُهُمْ يَمُدُّ يَدَهُ إلَى صَاحِبِهِ وَيَضْرِبُ عليها وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ الْبَيْعُ صَفْقَةٌ أو خِيَارٌ انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ هو مُشْتَقٌّ من الْبَيْعَةِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَصْدَرُ لَا يَشْتَقُّ من الْمَصْدَرِ ثُمَّ مَعْنَى الْبَيْعِ غَيْرُ مَعْنَى الْمُبَايَعَةِ‏.‏

وقال في الْفَائِقِ هو مُشْتَقٌّ من الْمُبَايَعَةِ بِمَعْنَى الْمُطَاوَعَةِ لَا من الْبَاعِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَلَهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فيقول الْبَائِعُ بِعْتُك أو مَلَّكْتُك وَنَحْوُهُمَا‏.‏

مِثْلُ وَلَّيْتُك أو شَرَّكْتُكَ فيه‏.‏

وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي ابْتَعْت أو قَبِلْت وما في مَعْنَاهُمَا‏.‏

مِثْلُ تَمَلَّكْت وما يَأْتِي من الْأَلْفَاظِ التي يَصِحُّ بها الْبَيْعُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَنْعَقِدُ بِدُونِ بِعْت واشتريت لَا غَيْرُهُمَا ذَكَرَهَا في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ‏.‏

فوائد‏:‏

إحداها لو قال بِعْتُك بِكَذَا فقال أنا آخُذُهُ بِذَلِكَ لم يَصِحَّ وَإِنْ قال أَخَذْته مِنْك أو بِذَلِكَ صَحَّ نَقَلَهُ مُهَنَّا‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِلَفْظِ السَّلَفِ والسلم قَالَهُ في التَّلْخِيصِ في بَابِ السَّلَمِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِلَفْظِ السَّلَمِ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلَاثِينَ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ بِلَفْظِ السَّلَمِ قَالَهُ الْقَاضِي‏.‏

الثَّالِثَةُ قال في التَّلْخِيصِ في بَابِ الصُّلْحِ في انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِلَفْظِ الصُّلْحِ تَرَدُّدٌ فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ وَعَدَمَهَا‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الصُّلْحِ على ظَاهِرِ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُصُولِ وَقَالَهُ في التَّرْغِيبِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ الْإِيجَابَ جَازَ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا‏.‏

إحْدَاهُمَا يَجُوزُ أَيْ يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الْمَاضِي أو بِلَفْظِ الطَّلَبِ كَقَوْلِهِ بِعْنِي ثَوْبَك أو مَلِّكْنِيهِ فيقول بِعْتُك جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ أَيْ لَا يَصِحُّ اخْتَارَهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ كَالنِّكَاحِ‏.‏

قال في النُّكَتِ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ‏.‏

قال الْقَاضِي هذه الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

قال ابن هُبَيْرَةَ هذه أَشْهَرُهُمَا عن أَحْمَدَ انْتَهَى‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ الْمُبْهِجُ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ إنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ على الْإِيجَابِ بِلَفْظِ الْمَاضِي صَحَّ وَإِنْ تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الطَّلَبِ لم يَصِحَّ‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَالْحَاوِيَيْنِ فَإِنْ تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الْمَاضِي صَحَّ وَإِنْ تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الطَّلَبِ فَرِوَايَتَانِ‏.‏

وقال في الشَّرْحِ وَالْفَائِقِ إنْ تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الْمَاضِي صَحَّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الطَّلَبِ فَرِوَايَتَانِ‏.‏

وَقَطَعَ في الْكَافِي بِالصِّحَّةِ إنْ تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الْمَاضِي وَعَدَمُ الصِّحَّةِ إنْ تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الطَّلَبِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ إذَا كان بِلَفْظِ الْمَاضِي الْمُجَرَّدِ عن الِاسْتِفْهَامِ أو بِلَفْظِ الطَّلَبِ لَا غَيْرُ كما تَقَدَّمَ أَمَّا لو كان بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ أو كان بِلَفْظِ الْمَاضِي الْمُسْتَفْهَمِ بِهِ مِثْلَ قَوْلِهِ أبتعني هذا بِكَذَا أو أَتَبِيعُنِي هذا بِكَذَا فيقول بِعْتُك لم يَصِحَّ نَصَّ عليه حتى يَقُولَ بَعْدَ ذلك ابْتَعْت أو قَبِلْت أو اشْتَرَيْت أو تَمَلَّكْت وَنَحْوُهَا‏.‏

‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لو قال الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرِهِ بِكَذَا أو ابْتَعْهُ بِكَذَا فقال اشْتَرَيْته أو ابْتَعْته لم يَصِحَّ حتى يَقُولَ الْبَائِعُ بَعْدَهُ بِعْتُك أو مَلَّكْتُك قَالَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

قال في النُّكَتِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ كَتَقَدُّمِ الطَّلَبِ من الْمُشْتَرِي وَأَنَّهُ دَالٌّ على الْإِيجَابِ وَالْبَذْلِ انْتَهَى‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قال بِعْتُك أو قَبِلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ في آخِرِ بَابِ الْإِقْرَارِ‏.‏

وَيَأْتِي نَظِيرُهُ في النِّكَاحِ وَيَأْتِي ذلك في بَابِ ما يَحْصُلُ بِهِ الْإِقْرَارُ‏.‏

الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَاخَى الْقَبُولُ عن الْإِيجَابِ صَحَّ ما دَامَا في الْمَجْلِسِ ولم يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ‏.‏

قَيَّدَ الْأَصْحَابُ قَوْلَهُمْ ولم يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ بِالْعُرْفِ‏.‏

قَوْلُهُ وَالثَّانِي الْمُعَاطَاةُ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو الْمَعْمُولُ بِهِ في الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال الْقَاضِي لَا يَصِحُّ إلَّا في الشَّيْءِ الْيَسِيرِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُنَّ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ‏.‏

تنبيهات‏:‏

أحدها بَيْعُ الْمُعَاطَاةِ كما مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ وَمِثْلُ ما لو سَاوَمَهُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ فيقول خُذْهَا أو هِيَ لَك أو قد أَعْطَيْتُكهَا أو يقول ‏[‏قول‏]‏ كَيْفَ تَبِيعُ الْخُبْزَ فيقول‏.‏

كَذَا بِدِرْهَمٍ فيقول خُذْ دِرْهَمًا أو زِنْ وَنَحْوُ ذلك مِمَّا يَدُلُّ على الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وقال أَيْضًا وَيَصِحُّ بِشَرْطِ خِيَارٍ مَجْهُولٍ كما في الْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ وَالْخِيَارِ مع قَطْعِ ثَمَنِهِ عُرْفًا وَعَادَةً‏.‏

قال في الْفُرُوعِ مِثْلُ الْمُعَاطَاةِ وَضْعُ ثَمَنِهِ عَادَةً وَأَخْذُهُ‏.‏

الثَّانِي كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالصَّرِيحِ في أَنَّ بَيْعَ الْمُعَاطَاةِ لَا يُسَمَّى إيجَابًا وَقَبُولًا وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فقال الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لِلصِّيغَةِ الْمُتَّفَقِ عليها‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عِبَارَةُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ تَقْتَضِي أَنَّ الْمُعَاطَاةَ وَنَحْوَهَا لَيْسَتْ من الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وهو تَخْصِيصٌ عُرْفِيٌّ‏.‏

قال وَالصَّوَابُ أَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ اسْمُ لكل ‏[‏كل‏]‏ تَعَاقُدٍ فَكُلُّ ما انْعَقَدَ بِهِ الْبَيْعُ من الطَّرَفَيْنِ سمى إثْبَاتُهُ إيجَابًا وَالْتِزَامُهُ قَبُولًا‏.‏

الثَّالِثُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِغَيْرِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِالْأَلْفَاظِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِشَرْطِهَا وَالْمُعَاطَاةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ صِحَّةَ الْبَيْعِ بِكُلِّ ما عَدَّهُ الناس بَيْعًا من مُتَعَاقِبٍ وَمُتَرَاخٍ من قَوْلٍ أو فِعْلٍ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْهِبَةَ كَبَيْعِ الْمُعْطَاةِ على ما يَأْتِي في بَابِهِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَمِثْلُهُ الْهِبَةُ‏.‏

وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ وَكَذَا الْهِبَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالصَّدَقَةُ‏.‏

وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ صِحَّةَ الْهِبَةِ سَوَاءٌ صَحَّحْنَا بَيْعَ الْمُعَاطَاةِ أو لَا انْتَهَى‏.‏

فَمَتَى قُلْنَا بِالصِّحَّةِ يَكُونُ تَجْهِيزُهُ لِبِنْتِهِ بِجِهَازٍ إلَى زَوْجِهَا تَمْلِيكًا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ تَجْهِيزُ الْمَرْأَةِ بِجِهَازٍ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا تَمْلِيكٌ‏.‏

قال الْقَاضِي قِيَاسُ قَوْلِنَا في بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ أنها تَمْلِكُهُ بِذَلِكَ وَأَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا بَأْسَ بِذَوْقِ الْمَبِيعِ عِنْدَ الشِّرَاءِ نَصَّ عليه لِقَوْل ابن عَبَّاسٍ وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ مَرَّةً لَا أَدْرِي إلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ نَصَّ عليه‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ كان أَحَدُهُمَا مُكْرَهًا لم يَصِحَّ‏.‏

هذا الْبَيْعُ هذا الْمَذْهَبُ بشرطه ‏[‏بشرط‏]‏ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال في الْفَائِقِ قُلْت وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ وَثُبُوتَ الْخِيَارِ عِنْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا قَوْلُهُ التَّرَاضِي بِهِ وهو أَنْ يَأْتِيَا بِهِ اخْتِيَارًا‏.‏

لو أُكْرِهَ على وَزْنِ مَالٍ فَبَاعَ مِلْكَهُ لِذَلِكَ كُرِهَ الشِّرَاءُ وَصَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ وهو بَيْعُ الْمُضْطَرِّ‏.‏

وَنَقَلَ حَنْبَلٌ تَحْرِيمَهُ وَكَرَاهِيَتَهُ‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الصِّحَّةَ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ ذَكَرَهُ عنه في الْفَائِقِ‏.‏

الثَّانِيَةُ بَيْعُ التَّلْجِئَةِ وَالْأَمَانَةِ وهو إن يُظْهِرَا بَيْعًا لم يُرِيدَاهُ بَاطِنًا بَلْ خَوْفًا من ظَالِمٍ دَفْعًا له بَاطِلٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ وَمَنْ خَافَ ضَيْعَةَ مَالِهِ أو نَهْبَهُ أو سَرِقَتَهُ أو غَصْبَهُ أو أَخْذَهُ منه ظُلْمًا صَحَّ بَيْعُهُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ عن كَلَامِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لو أَوْدَعَ شَهَادَةً فقال اشْهَدُوا على أَنِّي أَبِيعُهُ أو أَتَبَرَّعُ له بِهِ خَوْفًا أو تَقِيَّةً أَنَّهُ يَصِحُّ ذلك خِلَافًا لِمَالِكٍ في التَّبَرُّعِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ من اسْتَوْلَى على مَالِ غَيْرِهِ ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَطَلَبَهُ صَاحِبُهُ فَجَحَدَهُ أو مَنَعَهُ إيَّاهُ حتى يَبِيعَهُ فَبَاعَهُ على هذا الْوَجْهِ فَهَذَا مُكْرَهٌ بِغَيْرِ حَقٍّ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو أَسَرَّا الثَّمَنَ أَلْفًا بِلَا عَقْدٍ ثُمَّ عَقَدَهُ بِأَلْفَيْنِ فَفِي أَيِّهِمَا الثَّمَنُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ في بَابِ الصَّدَاقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَطَعَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ أَنَّ الثَّمَنَ الذي أَسَرَّاهُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَحَكَاهُ أبو الْخَطَّابِ وأبو الْحُسَيْنِ عن الْقَاضِي‏.‏

وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الثَّمَنَ ما أَظْهَرَاهُ وَلَوْ عَقَدَاهُ سِرًّا بِثَمَنٍ وَعَلَانِيَةً بِأَكْثَرَ فقال الْحَلْوَانِيُّ هو كَالنِّكَاحِ اقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في كِتَابِ الصَّدَاقِ‏.‏

الرَّابِعَةُ في صِحَّةِ بَيْعِ الْهَازِلِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَصَحَّحَ في الْفَائِقِ الْبُطْلَانَ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالْفِقْهِيَّةِ وَالْمَشْهُورُ الْبُطْلَانُ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالْفِقْهِيَّةِ وقال في الِانْتِصَارِ يُقْبَلُ منه بِقَرِينَةٍ‏.‏

الْخَامِسَةُ من قال لِآخَرَ اشْتَرِنِي من زَيْدٍ فَإِنِّي عَبْدُهُ فَاشْتَرَاهُ فَبَانَ حُرًّا لم يَلْزَمْهُ الْعُهْدَةُ حَضَرَ الْبَائِعُ أو غَابَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ كَقَوْلِهِ اشْتَرِ منه عَبْدَهُ هذا وَيُؤَدَّبُ هو وَبَائِعُهُ لَكِنْ ما أَخَذَهُ الْمُقِرُّ غَرِمَهُ نَصَّ عَلَيْهِمَا‏.‏

وَسَأَلَه ابن الْحَكَمِ عن رَجُلٍ يُقِرُّ بِالْعُبُودِيَّةِ حتى يُبَاعَ فقال يُؤْخَذُ الْبَائِعُ وَالْمُقِرُّ بِالثَّمَنِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أو غَابَ أُخِذَ الْآخِرُ بِالثَّمَنِ واختاره الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ يتوجه ‏[‏وتوجه‏]‏ هذا في كل غَارٍّ وما هو بِبَعِيدٍ‏.‏

وَلَوْ كان الْغَارُّ أُنْثَى حُدَّتْ وَلَا مَهْرَ نَصَّ عليه وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ‏.‏

السَّادِسَةُ لو أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَرَهَنَهُ قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ كَبَيْعٍ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

ولم يُنْقَلْ عن أَحْمَدَ فيه إلَّا رِوَايَةُ بن الْحَكَمِ الْمُتَقَدِّمَةُ وقال بها أبو بَكْرٍ‏.‏

قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ جَائِزَ التَّصَرُّفِ وهو الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ اشْتِرَاطُ التَّكْلِيفِ وَالرُّشْدِ في صِحَّةِ الْبَيْعِ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْمُمَيِّزِ وَيَقِفُ على إجَازَةِ وَلِيِّهِ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ مُطْلَقًا ذَكَرَهَا الْفَخْرُ إسْمَاعِيلُ الْبَغْدَادِيُّ‏.‏

وقال في الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ ذَكَرَ أبو بَكْرٍ صِحَّةَ بَيْعِهِ وَنِكَاحِهِ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ وَالسَّفِيهَ فإنه يَصِحُّ تَصَرُّفُهُمَا بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُمَا إلَّا في الشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَهُمَا في السَّفِيهِ في بَابِ الْحَجْرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي‏.‏

تنبيه‏:‏

يُسْتَثْنَى من مَحَلِّ الْخِلَافِ عَدَمُ وَقْفِ تَصَرُّفِ السَّفِيهِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالسَّفِيهُ مِثْلُ الْمُمَيِّزِ إلَّا في عَدَمِ وَقْفِهِ يَعْنِي أَنَّ لنا رِوَايَةً في الْمُمَيِّزِ بِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ وَوُقُوفِهِ على إجَازَةِ الْوَلِيِّ بِخِلَافِ السَّفِيهِ‏.‏

وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا من الْخِلَافِ في الْمُمَيِّزِ وَالْمُرَاهِقِ تَصَرُّفُهُ لِلِاخْتِبَارِ فإنه يَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ إجْرَاءُ الْخِلَافِ فيه‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ صِحَّةِ تَصَرُّفِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مُطْلَقًا‏.‏

أَمَّا في الْكَثِيرِ فَلَا يَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ أَذِنَ فيه الْوَلِيُّ‏.‏

وَأَمَّا في الْيَسِيرِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ وهو الصَّوَابُ قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ فِيمَا يَصِحُّ فيه تَصَرُّفُ الصَّغِيرِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

تنبيه‏:‏

أَفَادَنَا الْمُصَنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ تَصَرُّفَ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِمَا إلَّا في الشَّيْءِ الْيَسِيرِ كما قال الْمُصَنِّفُ وهو الصَّحِيحُ في الْجُمْلَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ‏.‏

وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إنْ تَزَوَّجَ الصَّغِيرُ فَبَلَغَ أَبَاهُ فَأَجَازَهُ جَازَ‏.‏

قال جَمَاعَةٌ وَلَوْ أَجَازَهُ هو بَعْدَ رُشْدِهِ لم يَجُزْ‏.‏

وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ وأبو الْحَارِثِ وابن مُشَيْشٍ صِحَّةَ عِتْقِهِ إذَا عَقَلَهُ‏.‏

وَكَذَا قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَصِحُّ عِتْقُهُ وَأَنَّ أَحْمَدَ قَالَهُ‏.‏

وَقَدَّمَ في التَّبْصِرَةِ صِحَّةَ عِتْقِ الْمُمَيِّزِ‏.‏

وَذَكَرَ في الْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ في صِحَّةِ عِتْقِ الْمَحْجُورِ عليه وابن عَشْرٍ وَابْنَةِ تِسْعٍ رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وقال في الْمُوجِزِ في صِحَّةِ عِتْقِ الْمُمَيِّزِ رِوَايَتَانِ‏.‏

وقال في الِانْتِصَارِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في بَابِ الْحَجْرِ وَغَيْرُهُمْ في صِحَّةِ عِتْقِ السَّفِيهِ رِوَايَتَانِ‏.‏

وَيَأْتِي بَعْضُ ذلك في أَوَّلِ كِتَابِ الْعِتْقِ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ الصَّحِيحُ عن أَحْمَدَ عَدَمُ صِحَّةِ عُقُودِهِ وَأَنَّ شَيْخَهُ الْقَاضِيَ قال الصَّحِيحُ عِنْدِي في عُقُودِهِ كُلِّهَا رِوَايَتَانِ‏.‏

وَقَدَّمَ في التَّبْصِرَةِ صِحَّةَ عِتْقِ مُمَيِّزٍ وَسَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ‏.‏

وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا بَلَغَ عَشْرًا تَزَوَّجَ وَزَوَّجَ وَطَلَّقَ‏.‏

وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا في صِحَّةِ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ وَنُفُوذِهِ بِلَا إذْنِ ولى وَإِبْرَائِهِ وَإِعْتَاقِهِ وَطَلَاقِهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى‏.‏

وَشِرَاءُ السَّفِيهِ في ذِمَّتِهِ وَاقْتِرَاضُهُ لَا يَصِحُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَصِحُّ وَيَأْتِي أَحْكَامُ السَّفِيهِ في بَابِ الْحَجْرِ‏.‏

وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَهُ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ في الْفِقْهِ ذَكَرَ أَكْثَرَهَا في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَيَأْتِي بَعْضُهَا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في وَصِيَّتِهِ وَتَزْوِيجِهِ وَطَلَاقِهِ وَظِهَارِهِ وَإِيلَائِهِ وَإِسْلَامِهِ وَرِدَّتِهِ وَشَهَادَتِهِ وَإِقْرَارِهِ وَغَيْرِ ذلك‏.‏

وفي قَبُولِ الْمُمَيِّزِ وَالسَّفِيهِ وَكَذَا الْعَبْدُ هِبَةً وَوَصِيَّةً بِدُونِ إذْنٍ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ‏.‏

ثَالِثُهَا يَصِحُّ من الْعَبْدِ دُونَ غَيْرِهِ نَصَّ عليه قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَذَكَرَ في الْمُغْنِي أَنَّهُ يَصِحُّ قَبُولُ الْمُمَيِّزِ وَكَذَا قَبْضُهُ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الشَّارِحُ وَالْحَارِثِيُّ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ في السَّفِيهِ وَالْمُمَيِّزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ في الصَّغِيرِ‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ الصِّحَّةُ في الْجَمِيعِ وَيُقْبَلُ من مُمَيِّزٍ‏.‏

قال أبو الْفَرَجِ وَدُونَهُ هَدِيَّةٌ أُرْسِلَ بها وَإِذْنُهُ في دُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا‏.‏

وفي جَامِعِ الْقَاضِي وَمِنْ فَاسِقٍ وَكَافِرٍ وَذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ إجْمَاعًا‏.‏

وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ يُقْبَلُ منه إنْ ظُنَّ صِدْقُهُ بِقَرِينَةٍ وَإِلَّا فَلَا قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا مُتَّجَهٌ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَالًا وهو ما فيه مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ‏.‏

فَتَقْيِيدُهُ بِمَا فيه مَنْفَعَةٌ احْتِرَازًا عَمَّا لَا مَنْفَعَةَ فيه كَالْحَشَرَاتِ وَنَحْوِهَا‏.‏

وَتَقْيِيدُهُ الْمَنْفَعَةَ بِالْإِبَاحَةِ احْتِرَازًا عَمَّا فيه مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مُبَاحَةٍ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا‏.‏

وَتَقْيِيدُهُ بِالْإِبَاحَةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ احْتِرَازًا عَمَّا فيه مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِضَرُورَةٍ كَالْكَلْبِ وَنَحْوِهِ قَالَه ابن منجا وقال فَلَوْ قال الْمُصَنِّفُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ اقْتِنَاءَ الْكَلْبِ يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا يَضْطَرُّ فَمُرَادُهُ بِالضَّرُورَةِ الْحَاجَةُ‏.‏

وقال الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ احْتِرَازًا من الْمَيْتَةِ وَالْمُحَرَّمَاتِ التي تُبَاحُ في حَالِ الْمَخْمَصَةِ وَالْخَمْرِ التي تُبَاحُ لِدَفْعِ اللُّقْمَةِ بها انْتَهَى‏.‏

قُلْت وهو أَقْعَدُ من كَلَامِ بن مُنَجَّا وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ‏.‏

تنبيه‏:‏

دخل في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ بَيْعٍ مُجَازٍ في مِلْكِ غَيْرِهِ وَمُعَيَّنٍ من حَائِطٍ يَجْعَلُهُ بَابًا وَمِنْ أَرْضِهِ يَصْنَعُهُ بِئْرًا أو بَالُوعَةً وَعُلْوِ بَيْتٍ مُعَيَّنٍ يبنى عليه بِنَاءً مَوْصُوفًا وَلَوْ لم يَكُنْ الْبَيْتُ مَبْنِيًّا على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَجَزَمَ بِه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَالْهِدَايَةُ وَالْخُلَاصَةُ وَالْحَاوِي الْكَبِيرُ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إذَا لم يَكُنْ مَبْنِيًّا وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الصُّلْحِ‏.‏

قَوْلُهُ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَاهُ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ إجْمَاعًا‏.‏

وقال الْأَزَجِيُّ في النِّهَايَةِ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا إنْ قُلْنَا بِنَجَاسَتِهِمَا وَخَرَّجَه ابن عقيل قَوْلًا‏.‏

قَوْلُهُ وَدُودِ الْقَزِّ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ بَيْعِ دُودِ الْقَزِّ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وقال أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَبِزْرِهِ‏.‏

يَعْنِي إذَا لم يَدِبَّ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ما لم يَدِبَّ وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا دَبَّ بِزْرُ الْقَزِّ فَهُوَ من دُودِ الْقَزِّ حُكْمُهُ حُكْمُهُ كما تَقَدَّمَ‏.‏

قَوْلُهُ وَالنَّحْلِ مُنْفَرِدًا وفي كُوَّارَاتِهِ‏.‏

يَجُوزُ بَيْعُ النَّحْلِ مُنْفَرِدًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ‏.‏

قَوْلُهُ وفي كُوَّارَاتِهِ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ النَّحْلِ مع كُوَّارَاتِهِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ قال الْقَاضِي لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا في كُوَّارَاتِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ فيها يُشْتَرَطُ أَنْ يُشَاهِدَ النَّحْلَ دَاخِلًا إلَيْهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

قال في الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ هذا في بَيْعِهِ مُنْفَرِدًا وَقِيلَ إذَا رَأَيَاهُ فيها وَعَلِمَا قَدْرَهُ وَأَمْكَنَ أَخْذُهُ وَقِيلَ إنْ رَأَيَاهُ يَدْخُلُهَا وَإِلَّا فَلَا‏.‏

فائدة‏:‏

قال في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَجَمَاعَةٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْكُوَّارَةِ بِمَا فيها من عَسَلٍ وَنَحْلٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ صِحَّةُ ذلك انْتَهَى‏.‏

قُلْت اخْتَارَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَمَّا إذَا كان مَسْتُورًا بِأَقْرَاصِهِ فإنه لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا ذَكَرَ الْخِرَقِيُّ أَنَّ التِّرْيَاقَ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّ فيه لُحُومَ الْحَيَّاتِ فَعَلَى هذا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّ نَفْعَهُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْأَكْلِ وهو مُحَرَّمٌ فَخَلَا من نَفْعٍ مُبَاحٍ وَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ وَلَا بِسُمِّ الْأَفَاعِي‏.‏

فَأَمَّا السُّمُّ من الْحَشَائِشِ وَالنَّبَاتِ فَإِنْ كان لَا يُنْتَفَعُ بِهِ أو كان يَقْتُلُ قَلِيلُهُ لم يَجُزْ بَيْعُهُ لِعَدَمِ نَفْعِهِ وَإِنْ انْتَفَعَ بِهِ وَأَمْكَنَ التَّدَاوِي بِيَسِيرِهِ كَالسَّقَمُونْيَا وَنَحْوِهَا جَازَ بَيْعُهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَصِحُّ بَيْعُ عَلْقٍ لِمَصِّ دَمٍ وَدِيدَانٍ تُتْرَكُ في الشَّصِّ لِصَيْدِ السَّمَكِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْهِرِّ وَالْفِيلِ وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ التي تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ وَكَذَا سِبَاعُ الطَّيْرِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ في شَرْحِهِ الْأَصَحُّ جَوَازُ بَيْعِ ما يَصْلُحُ لِلصَّيْدِ وَقَدَّمَه ابن رزين في شَرْحِهِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرُ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرُ وَمُنْتَخَبُ الأدمى وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَالْأُخْرَى لَا يَجُوزُ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَصَاحِبُ الهدى‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْهِرِّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ في الْهِرِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَكَذَا الْفَائِقُ في غَيْرِ الْهِرِّ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ فِيمَا قِيلَ بِطَهَارَتِهِ منها‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُعَلَّمِ منها دُونَ غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا‏.‏

لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنَّهُ أَرَادَ ما يَصْلُحُ أَنْ يَقْبَلَ التَّعْلِيمَ وهو مَحَلُّ الْخِلَافِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ في جَوَازِ بَيْعِ فِرَاخِهِ وَبَيْضِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ في الْبَيْضِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَجُوزُ فِيمَا إذَا كان الْبَيْضُ يُنْتَفَعُ بِهِ بِأَنْ يَصِيرَ فِرَاخًا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وابن رَزِينٍ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ إنْ قَبِلَ التَّعْلِيمَ جَازَ على الْأَشْهَرِ كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا‏.‏

قال الْقَاضِي لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبَيْضِ لِنَجَاسَتِهِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ التي تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ عَائِدٌ إلَى سِبَاعِ الْبَهَائِمِ فَقَطْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَتَعْلِيلُهُمْ يَدُلُّ عليه لَا إلَى الْهِرِّ وَالْفِيلِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وفي بَيْعِ هِرٍّ وما يُعَلَّمُ من الصَّيْدِ أو يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ كَفِيلٍ وَفَهْدٍ وَبَازٍ إلَى آخِرِهِ‏.‏

وقال بَعْدَ ذلك فَإِنْ لم يَقْبَلْ الْفِيلُ وَالْفَهْدُ التَّعْلِيمَ لم يَجُزْ بَيْعُهُ كَأَسَدٍ وَذِئْبٍ وَدُبٍّ وَغُرَابٍ‏.‏

فَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ تَعْلِيمَ كل شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَتَعْلِيمُ الْفِيلِ لِلرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ عليه وَنَحْوِهِمَا وَتَعْلِيمُ غَيْرِهِ لِلصَّيْدِ لَا أَنَّهُ أَرَادَ تَعْلِيمَ الْفِيلِ لِلصَّيْدِ فإن هذا لم يُعْهَدْ ولم يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابَ فِيمَا يُصَادُ بِهِ على ما يَأْتِي وَلِشَيْخِنَا عليه كَلَامٌ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى في جَوَازِ بَيْعِ ما يُصَادُ عليه كَالْبُومَةِ التي يَجْعَلُهَا شباشا ‏[‏شباكا‏]‏ لِتَجْمَعَ الطُّيُورَ إلَيْهَا فَيَصِيدُهَا الصَّيَّادُ وَجْهَانِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَكَذَا حُكْمُ اللَّقْلَقِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَجُوزُ قَدَّمَه ابن رزين في شَرْحِهِ وَكَذَا قَدَّمَ الْجَوَازَ في اللَّقْلَقِ‏.‏

وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ‏.‏

الثَّانِيَةُ بَيْعُ الْقِرْدِ إنْ كان لِأَجْلِ اللَّعِبِ بِهِ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ مع الْكَرَاهَةِ قَدَّمَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وقد أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَرَاهَةَ بَيْعِ الْقِرَدَةِ وشراءها ‏[‏وشرائها‏]‏‏.‏

فَإِنْ كان لِأَجْلِ حِفْظِ الْمَتَاعِ وَنَحْوِهِ فَقِيلَ يَصِحُّ اخْتَارَه ابن عقيل وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَتَقَدَّمَ نَصُّ أَحْمَدَ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَعُمُومَاتُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ تَقْتَضِي ذلك‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هو قِيَاسُ قَوْلِ أبي بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَظَاهِرُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ الْإِطْلَاقُ‏.‏

وقال في آدَابِ الرِّعَايَتَيْنِ يُكْرَهُ اقْتِنَاءُ قِرْدٍ لِأَجْلِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَقِيلَ مُطْلَقًا‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ تَحْرِيمُ اللَّعِبِ‏.‏

الثَّالِثَةُ يَصِحُّ بَيْعُ طَيْرٍ لِأَجْلِ صَوْتِهِ كَالْهَزَارِ وَالْبُلْبُلِ وَالْبَبَّغَاءِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمُ وَشَرْح ابن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَجُوزُ بَيْعُهُ إنْ جَازَ حَبْسُهُ وفي جَوَازِ حَبْسِهِ احْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا بن عَقِيلٍ‏.‏

وقال في الْمُوجَزِ لَا تَصِحُّ إجَارَةُ ما قُصِدَ صَوْتُهُ كَدِيكٍ وَقُمْرِيٍّ‏.‏

قال في التَّبْصِرَةِ لَا تَصِحُّ إجَارَةُ ما لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَغَنَمٍ وَدَجَاجٍ وَقُمْرِيٍّ وَبُلْبُلٍ‏.‏

وقال في الْفُنُونِ يُكْرَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ وَالْمَرِيضِ‏.‏

أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِلَا نِزَاعٍ وَنَصَّ عليه إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الرِّعَايَةِ قال يَجُوزُ بَيْعُهُ مع جَوَازِ اسْتِتَابَتِهِ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

فائدة‏:‏

لو جَهِلَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مُرْتَدٌّ فَلَهُ الْأَرْشُ سَوَاءٌ قُتِلَ أو لَا وَفِيهِ احْتِمَالٌ أَنَّ له الثَّمَنَ كُلَّهُ‏.‏

وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ بَيْعِهِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَقِيلَ إنْ كان مَأْيُوسًا منه لم يَجُزْ بَيْعُهُ وَإِلَّا جَازَ‏.‏

قَوْلُهُ وفي بَيْعِ الْجَانِي وَالْقَاتِلِ في الْمُحَارَبَةِ وَلَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ وَجْهَانِ‏.‏

أَمَّا بَيْعُ الْجَانِي فَأَطْلَقَ في صِحَّةِ بَيْعِهِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ هو قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ قَالَهُ في أَوَّلِ الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ كانت الْجِنَايَةُ عَمْدًا أو خَطَأً على النَّفْسِ وما دُونَهَا ثُمَّ يَنْظُرُ فَإِنْ كان الْبَائِعُ مُعْسِرًا بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَقُدِّمَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عليه لِتَعَلُّقِهِ بِهِ وَإِنْ كان مُوسِرًا بِالْأَرْشِ لَزِمَهُ وكان الْمَبِيعُ بِحَالِهِ لِأَنَّهُ بِالْخِيَارِ بين أَنْ يَفْدِيَهُ أو يُسَلِّمَهُ فإذا بَاعَهُ فَقَدْ اخْتَارَ فِدَاءَهُ‏.‏

واما الْمُشْتَرِي إذَا لم يَعْلَمْ فَلَهُ الْخِيَارُ بين أَخْذِ الْأَرْشِ أو الرَّدِّ فَإِنْ عَفَا عن الْجِنَايَةِ قبل طَلَبِهَا سَقَطَ الرَّدُّ وَالْأَرْشُ وإذا قُتِلَ ولم يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ دَمَهُ مُسْتَحَقٌّ تَعَيَّنَ الْأَرْشُ لَا غَيْرُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

وَيَأْتِي هذا بِعَيْنِهِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ خِيَارِ الْعَيْبِ‏.‏

فائدة‏:‏

السَّرِقَةُ جِنَايَةٌ‏.‏

وَيَأْتِي هل يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ في أَبْوَابِهَا‏.‏

وَأَمَّا بَيْعُ الْقَاتِلِ في الْمُحَارَبَةِ يَعْنِي إذَا تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وقدمه ‏[‏وقدم‏]‏ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ قال الْقَاضِي إذَا قَدَرَ عليه قبل التَّوْبَةِ لم يَصِحَّ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ له انْتَهَى‏.‏

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فَأَمَّا إذَا تَابَ قبل الْقُدْرَةِ عليه فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْجَانِي على ما مَرَّ‏.‏

تنبيه‏:‏

أَلْحَقَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى من تَحَتَّمَ قَتْلُهُ في كُفْرٍ بِمَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ في الْمُحَارَبَةِ‏.‏

وَأَمَّا بَيْعُ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى واختاره ابن حامد وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا إلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ‏.‏

فَعَلَيْهِ لو أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ ضَمِنَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَضْمَنَهُ كَالدَّمْعِ وَالْعَرَقِ قَالَهُ الْقَاضِي وَنَقَلَهُ في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ من الْأَمَةِ دُونَ الْحُرَّةِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفَائِقِ وَأَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْكَرَاهَةَ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي مَحَلَّ وِفَاقٍ وَتَابَعَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ على ذلك‏.‏

قُلْت وفي تَقْيِيدِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ ذلك بِالْآدَمِيَّاتِ إيمَاءٌ إلَى ذلك‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يَصِحُّ بَيْعُ من نَذَرَ عِتْقَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ الْأَشْهَرُ مَنْعُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ‏.‏

وقال الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُنْتَخَبِ في بَيْعِهِ نَظَرٌ‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ من عِنْدِهِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ عليه الصِّحَّةَ قُلْت إنْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ صَحَّ بَيْعُهُ قَبْلَهُ‏.‏

زَادَ في الْكُبْرَى وَيَحْتَمِلُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ وَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِمَا اخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وقال النَّاظِمُ وَقِيلَ قُبَيْلَ الشَّرْطِ بِعْهُ‏.‏

قَوْلُهُ وفي جَوَازِ بَيْعِ الْمُصْحَفِ رِوَايَتَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ‏.‏

قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا أَعْلَمُ في بَيْعِهِ رُخْصَةً وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ وَالْكَافِي وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ‏.‏

الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُكْرَهُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ يَجُوزُ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

حُكْمُ إجَارَتِهِ حُكْمُ بَيْعِهِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَكَذَا رَهْنُهُ قَالَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُ وَيَأْتِي في آخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ جَوَازُ بَيْعِهِ إذَا تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وفي كَرَاهَةِ شِرَائِهِ وَإِبْدَالِهِ رِوَايَتَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يُكْرَهُ وهو الْمَذْهَبُ فَقَدْ رَخَّصَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ في شِرَائِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ الْأَصَحُّ أَنَّهُمَا لَا يَحْرُمَانِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَاخْتَارَ بن عَبْدُوسٍ كَرَاهَةَ الشِّرَاءِ وَعَدَمَ كَرَاهَةِ الْإِبْدَالِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَعَنْهُ يَحْرُمُ ولم يَذْكُرْهَا بَعْضُهُمْ‏.‏

وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ في الْمُبَادَلَةِ هل هِيَ بَيْعٌ أَمْ لَا على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَنْكَرَ الْقَاضِي ذلك وقال هِيَ بَيْعٌ بِلَا خِلَافٍ وَإِنَّمَا اخْتَارَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إبْدَالَ الْمُصْحَفِ بمثله لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ على الرَّغْبَةِ عنه وَلَا على الِاسْتِبْدَالِ بِهِ بِعِوَضٍ دُنْيَوِيٍّ بِخِلَافِ أَخْذِ ثَمَنِهِ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في أَوَاخِرِ كِتَابِ الزَّكَاةِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ بَاعَهُ بِنِصَابٍ من جِنْسِهِ بَنَى على حَوْلِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ في ذلك إذَا كان مُسْلِمًا فَأَمَّا إنْ كان كَافِرًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ له قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أو غَيْرِهِ أُلْزِمَ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عنه‏.‏

وَتَقَدَّمَ ال

تنبيه‏:‏

على ذلك في أَوَاخِرِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ‏.‏

وَيَأْتِي في أَثْنَاءِ الرَّهْنِ هل تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ فيه من غَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ لِلْقِرَاءَةِ فيه‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْكَلْبِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ‏.‏

وقال الْحَارِثِيُّ في شَرْحِهِ في كِتَابِ الْوَقْفِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْكَلْبِ وَالصَّحِيحُ اخْتِصَاصُ النَّهْيِ عن الْبَيْعِ بِمَا عَدَى كَلْبَ الصَّيْدِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ حَمَّادِ بن سَلَمَةَ عن أبي الزُّبَيْرِ عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ رضي اللَّهُ عنهما قال نهى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ وَالْإِسْنَادُ جَيِّدٌ قال فَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُعَلَّمِ لِأَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ انْتَهَى‏.‏

وَيَأْتِي ذلك في كِتَابِ الْوَقْفِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَمَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى جَوَازِ بَيْعِهِ‏.‏

وَتَأْتِي أَحْكَامُ الْكَلْبِ الْمُبَاحِ وَاقْتِنَاؤُهُ في بَابِ الْمُوصَى بِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ السِّرْجِينِ النَّجِسِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَخَرَجَ قَوْلٌ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ من الدُّهْنِ النَّجِسِ‏.‏

قال مُهَنَّا سَأَلْت أَبَا عبد اللَّهِ عن السَّلَمِ في الْبَعْرِ وَالسِّرْجِينِ فقال لَا بَأْسَ‏.‏

وَأَطْلَقَ بن رَزِينٍ في بَيْعِ النَّجَاسَةِ وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَ أبو الْخَطَّابِ جَوَازَ بَيْعِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ منه بَيْعُ نَجَاسَةٍ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بها وَلَا فَرْقَ وَلَا إجْمَاعَ كما قِيلَ ذَكَرَهُ في بَابِ الْآنِيَةِ وَتَقَدَّمَ ذلك‏.‏

وَتَقَدَّمَ أَيْضًا على الْمَنْعِ هل يَجُوزُ إيقَادُ النَّجَاسَةِ في أَوَائِلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْآنِيَةِ هل يَجُوزُ بَيْعُ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قبل الدَّبْغِ أو بَعْدَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا الْأَدْهَانُ النَّجِسَةُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ الشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا لِكَافِرٍ يعلم ‏[‏علم‏]‏ نَجَاسَتَهَا ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ في بَابِ الْأَطْعِمَةِ وَمَنْ بَعْدَهُ‏.‏

وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ جَوَازَ بَيْعِهَا حتى لِمُسْلِمٍ من رِوَايَةِ جَوَازِ الِاسْتِصْبَاحِ بها على ما يَأْتِي من تَخْرِيجِ الْمُصَنِّفِ في كَلَامِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ بَيْعُهَا إنْ قُلْنَا تَطْهُرُ بِغَسْلِهَا وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

قُلْت هذا الْمَذْهَبُ وَلَا حَاجَةَ إلَى حِكَايَتِهِ قَوْلًا وَلِهَذَا قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ على الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَطْهُرُ يَجُوزُ بَيْعُهَا ولم يَحْكُوا خِلَافًا‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ بَيْعُهَا إنْ جَازَ الِاسْتِصْبَاحُ بها وَلَعَلَّهُ الْقَوْلُ الْمُخَرَّجُ الْمُتَقَدِّمُ لَكِنْ حَكَاهُمَا في الرِّعَايَةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ في الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَعْلَمُ نَجَاسَتَهَا اعْتِقَادُهُ لِلطَّهَارَةِ قال لِأَنَّ نَفْسَ الْعِلْمِ بِالنَّجَاسَةِ ليس شَرْطًا في بَيْعِ الثَّوْبِ النَّجِسِ فَكَذَا هُنَا‏.‏

قال في الْمَطْلَعِ وَقَوْلُهُ يَعْلَمُ نَجَاسَتَهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ له في شَرِيعَتِهِ الِانْتِفَاعُ بها‏.‏

قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ اشْتِرَاطُ إعْلَامِهِ بِنَجَاسَتِهِ‏.‏

لَا غَيْرُ سَوَاءٌ اعْتَقَدَ طَهَارَتَهُ أو لَا وهو كَالصَّرِيحِ في كَلَامِ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ فيه فإنه قال وَعَنْهُ يُبَاعُ لِكَافِرٍ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ بِالْحَالِ‏.‏

وقال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُعْلِمَهُ أنها نَجِسَةٌ‏.‏

وقد اسْتَدَلَّ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ بِمَا يُوَافِقُ ما نَقُولُ فَإِنَّهُمْ اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ أبي مُوسَى لُتُّوا بِهِ السَّوِيقَ وَبِيعُوهُ وَلَا تَبِيعُوهُ من مُسْلِمٍ وَبَيِّنُوهُ‏.‏

وقال في الْكَافِي وَيَعْلَمُ بِحَالِهِ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ‏.‏

قَوْلُهُ وفي جَوَازِ الِاسْتِصْبَاحِ بها رِوَايَتَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالشَّرْحِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا وَالْفَائِقِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَنَصَرَهَا في الْمُغْنِي وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ في بَابِ النَّجَاسَةِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بها جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا حَيْثُ جَوَّزْنَا الِاسْتِصْبَاحَ بها فَيَكُونُ على وَجْهٍ لَا تَتَعَدَّى نَجَاسَتُهُ إمَّا بِأَنْ يُجْعَلَ في إبْرِيقٍ وَيُصَبُّ منه في الْمِصْبَاحِ وَلَا يُمَسُّ وَإِمَّا بان يَدَعَ على رَأْسِ الْجَرَّةِ التي فيها الدُّهْنُ سِرَاجًا مَثْقُوبًا وَيُطَيِّنُهُ على رَأْسِ إنَاءِ الدُّهْنِ وَكُلَّمَا نَقَصَ دُهْنُ السِّرَاجِ صَبَّ فيه مَاءً بِحَيْثُ يُرْفَعُ الدُّهْنُ فَيَمْلَأُ السِّرَاجَ وما أَشْبَهَهُ قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَنَقَلَهُ طَائِفَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ‏.‏

قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّ هذا ليس شَرْطًا في صِحَّةِ الْبَيْعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْفُرُوعِ أَنَّهُ جَعَلَهُ شَرْطًا عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِشُحُومِ الْمَيْتَةِ وَلَا بِشَحْمِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ من ذلك قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ جَوَازَ الِانْتِفَاعِ بِالنَّجَاسَاتِ وقال سَوَاءٌ في ذلك شَحْمُ الْمَيْتَةِ وَغَيْرُهُ وهو قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ وَيَتَخَرَّجُ على ذلك جَوَازُ بَيْعِهَا‏.‏

أَنَّ الْمُصَنِّفَ وَغَيْرَهُ خَرَّجُوا جَوَازَ الْبَيْعِ من رِوَايَةِ جَوَازِ الِاسْتِصْبَاحِ بها‏.‏

تنبيه‏:‏

شَمِلَ قَوْلُهُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا له‏.‏

الْأَسِيرَ لو بَاعَ مِلْكَهُ وهو صَحِيحٌ صَرَّحَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أو اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ شيئا بِغَيْرِ إذْنِهِ لم يَصِحَّ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ وَيَقِفُ على إجَازَةِ الْمَالِكِ اخْتَارَهُ في الْفَائِقِ وقال لَا قَبْضَ وَلَا إقْبَاضَ قبل الْإِجَازَةِ‏.‏

قال بَعْضِ الْأَصْحَابِ في طَرِيقَتِهِ يَصِحُّ وَيَقِفُ على إجَازَةِ الْمَالِكِ وَلَوْ لم يَكُنْ له مُجِيزٌ في الْحَالِ‏.‏

وَعَنْهُ صِحَّةُ تَصَرُّفِ الْغَاصِبِ‏.‏

وَيَأْتِي حُكْمُ تَصَرُّفَاتِ الْغَاصِبِ الْحُكْمِيَّةِ في بَابِهِ في أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّامِنِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى له في ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ‏.‏

إذَا اشْتَرَى له في ذِمَّتِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُسَمِّيَهُ في الْعَقْدِ أو لَا فَإِنْ لم يُسَمِّهِ‏.‏

في الْعَقْدِ صَحَّ الْعَقْدُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ الْمَشْهُورُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ صَحَّ على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ‏.‏

وَإِنْ سَمَّاهُ في الْعَقْدِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ‏.‏

وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ ما إذَا لم يُسَمِّهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فإن قَوْلَهُ وَإِنْ اشْتَرَى له في ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَشْمَلُ ذلك وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ‏.‏

قال في الْ

فائدة‏:‏

الْعِشْرِينَ إذَا تَصَرَّفَ له في الذِّمَّةِ دُونَ الْمَالِ فَطَرِيقَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا فيه الْخِلَافُ الذي في تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ قَالَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ‏.‏

وَالثَّانِي الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ هُنَا وهو قَوْلُ الْخِرَقِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ وَقَالَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ آخَرَ‏.‏

وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ هل يَفْتَقِرُ إلَى تَسْمِيَتِهِ في الْعَقْدِ أَمْ لَا فَمِنْهُمْ من قال لَا فَرْقَ منهم بن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي‏.‏

وَمِنْهُمْ من قال إنْ سَمَّاهُ في الْعَقْدِ فَهُوَ كما لو اشْتَرَى له بِعَيْنِ مَالِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ في غَالِبِ ظَنِّي وابن الْمُنَى وهو مَفْهُومُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

لو اشْتَرَى بِمَالِ نَفْسِهِ سِلْعَةً لِغَيْرِهِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ عَدَمُ الصِّحَّةِ قَوْلًا وَاحِدًا وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَأَجْرَى الْخِلَافَ فيه كَتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ وهو الْأَصَحُّ قَالَهُ في الْ

فائدة‏:‏

الْعِشْرِينَ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ أَجَازَهُ من اشْتَرَى له مَلَكَهُ وَإِلَّا لَزِمَ من اشْتَرَاهُ‏.‏

يَعْنِي حَيْثُ قُلْنَا بِالصِّحَّةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَمْلِكُهُ من اشتري له وَلَوْ أَجَازَهُ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وقال في الْكُبْرَى بَعْدَ ذلك إنْ قال بِعْتُك هذا فقال اشْتَرَيْته لِزَيْدٍ فَأَجَازَهُ لَزِمَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْمُشْتَرِي انْتَهَى‏.‏

وَقُدِّمَ هذا في التَّلْخِيصِ إلْغَاءً لِلْإِضَافَةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

حَيْثُ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالْإِجَازَةِ فإنه يَدْخُلُ في مِلْكِهِ من حِينِ الْعَقْدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي في مَسْأَلَةِ نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ من حِينِ الْإِجَازَةِ جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْوَجْهِ أَنَّ الْقَاضِيَ صَرَّحَ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْمُخْتَلَفَ فيه إنَّمَا يُفِيدُ صِحَّةَ الْمَحْكُومِ بِهِ وَانْعِقَادُهُ من حِينِ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ كان بَاطِلًا انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال بِعْته لِزَيْدٍ فقال اشْتَرَيْته له بَطَلَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ إنْ أَجَازَهُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ بَعْدَ إجَازَتِهِ صَحَّ من الْحُكْمِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وهو الذي ذَكَرَهُ في الْقَوَاعِدِ قبل ذلك مُسْتَشْهِدًا بِهِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَالْإِجَازَةِ‏.‏

يَعْنِي أَنَّ فيه الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ هل يَدْخُلُ من حِينِ الْعَقْدِ أو الْإِجَازَةِ‏.‏

وقال في الْفُصُولِ في الطَّلَاقِ في نِكَاحٍ فَاسِدٍ إنَّهُ يَقْبَلُ الِانْبِرَامَ وَالْإِلْزَامَ بِالْحُكْمِ وَالْحُكْمُ لَا يُنْشِئُ الْمِلْكَ بَلْ يُحَقِّقُهُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو بَاعَ ما يَظُنُّهُ لِغَيْرِهِ فَظَهَرَ له كَالْإِرْثِ وَالْوَكَالَةِ صَحَّ الْبَيْعُ على الصَّحِيحِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ صَحَّ على الْأَظْهَرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي في بَابِ الرَّهْنِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْأُصُولِيَّةِ وَالْمُغْنِي في آخِرِ الْوَقْفِ‏.‏

وَقِيلَ الْخِلَافُ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُمَا أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ‏.‏

قال الْقَاضِي أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ من بَاشَرَ امْرَأَةً بِالطَّلَاقِ يَعْتَقِدُهَا أَجْنَبِيَّةً فَبَانَتْ امْرَأَتُهُ أو وَاجَهَ بِالْعِتْقِ من يَعْتَقِدُهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَتَهُ في وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْحُرِّيَّةِ رِوَايَتَانِ‏.‏

وَلِابْنِ رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ قَاعِدَةٌ في ذلك وَهِيَ الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ وَالسِّتُّونَ فِيمَنْ تَصَرَّفَ في شَيْءٍ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كان يَمْلِكُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ما فُتِحَ عَنْوَةً ولم يُقْسَمْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ ذَكَرَهَا الْحَلْوَانِيُّ وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

وَذَكَرَهُ قَوْلًا عِنْدَنَا‏.‏

قُلْت وَالْعَمَلُ عليه في زمننا ‏[‏زماننا‏]‏‏.‏

وقد جَوَّزَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إصْدَاقَهَا وَقَالَهُ الْمَجْدُ وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي على نَفْعِهَا فَقَطْ وَعَنْهُ يَصِحُّ الشِّرَاءُ دُونَ الْبَيْعِ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ لِحَاجَتِهِ‏.‏

قَوْلُهُ كَأَرْضِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ وَنَحْوِهَا‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ مِصْرَ مِمَّا فُتِحَ عَنْوَةً ولم يُقْسَمْ جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ وقال في الرِّعَايَةِ وَكَمِصْرِ في الْأَشْهَرِ فيها‏.‏

فائدة‏:‏

لو حَكَمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ حَاكِمٌ أو رَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فيه فَبَاعَهُ صَحَّ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فيه قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَإِنْ أَقْطَعَ الْإِمَامُ هذه الْأَرْضَ أو وَقَفَهَا فَقِيلَ يَصِحُّ وقال ‏[‏وقيل‏]‏ في النَّوَادِرِ لَا يَصِحُّ‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ أَنَّ حُكْمَ الْوَقْفِ حُكْمُ الْبَيْعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لو جَعَلَهَا الْإِمَامُ فَيْئًا صَارَ ذلك حُكْمًا بَاقِيًا فيها دَائِمًا وَأَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى الْغَانِمِينَ‏.‏

تنبيه‏:‏

يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ إلَّا الْمَسَاكِنَ‏.‏

أنها سَوَاءٌ كانت مُحْدَثَةً بَعْدَ الْفَتْحِ أو من جُمْلَةِ الْفَتْحِ وهو اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

نَقَل ابن الْحَكَمِ فِيمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مِلْكِهِ وَلَهُ عَقَارٌ في أَرْضِ السَّوَادِ قال لَا تُبَاعُ أَرْضُ السَّوَادِ إلَّا أَنْ تُبَاعَ آلَتُهَا‏.‏

وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ الْمَنْعَ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمَا التَّسْوِيَةُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ انْتَهَى‏.‏

وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ التَّفْرِقَةُ فقال وَبَيْعُ بِنَاءٍ ليس منها وَغَرْسٌ مُحْدَثٌ يَجُوزُ‏.‏

قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَكَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إخْرَاجُ ما لَوْلَاهُ لَدَخَلَ وَالْمُصَنِّفُ لم يذكر إلَّا ما فُتِحَ عَنْوَةً فَأَمَّا الْمُحْدَثُ فما دخل ليستثني‏.‏

وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَيَعْقُوبُ الْمَنْعَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وهو ذَرِيعَةٌ‏.‏

وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ في الْبِنَاءِ وَجَوَّزَهُ في غَرْسٍ‏.‏

وما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ هو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْكَافِي فإنه قال فَأَمَّا الْمَسَاكِنُ‏.‏

في الْمَدَائِنِ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ اقْتَطَعُوا الْخُطَطَ في الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ في زَمَنِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه وَبَنُوهَا مَسَاكِنَ وَتَبَايَعُوهَا من غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَتْ إجْمَاعًا انْتَهَى‏.‏

وَاقْتَصَرَ على هذا الدَّلِيلِ‏.‏

قُلْت وَهَذَا هو الصَّوَابُ‏.‏

الثَّانِي قَوْلُهُ وَأَرْضٍ من الْعِرَاقِ فُتِحَتْ صُلْحًا‏.‏

يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ هذه الْأَرْضِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِأَهْلِهَا كما مَثَّلَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ما فُتِحَ عَنْوَةً وَنَحْوُهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ أَرْضٍ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عليها كَالْمَدِينَةِ وَشِبْهِهَا لِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ‏.‏

وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ما فُتِحَ عَنْوَةً لِكَوْنِ عُمَرَ وَقَفَهَا وَكَذَا حُكْمُ كل مَكَان وُقِفَ كما تَقَدَّمَ وَلَيْسَ كُلُّ ما فُتِحَ صُلْحًا يَصِحُّ بَيْعُهُ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَوْقُوفَةً‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إجَارَتُهَا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ إجَارَتَهَا مُؤَقَّتَةً‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ رِبَاعِ مَكَّةَ وَلَا إجَارَتُهَا‏.‏

هذا هو الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وهو مَبْنِيٌّ على أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً على الصَّحِيحِ من الطَّرِيقَتَيْنِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها فُتِحَتْ عَنْوَةً وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ فُتِحَتْ صُلْحًا‏.‏

وقال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَكْثَرُ مَكَّةَ فُتِحَ عَنْوَةً‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ رِبَاعِهَا وَهِيَ الْمَنْزِلُ وَدَارُ الْإِقَامَةِ وَلَا إجَارَتُهَا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ جَوَازَ بَيْعِهَا فَقَطْ وَاخْتَارَه ابن الْقَيِّمِ في الهدى‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ الشِّرَاءُ لِحَاجَةٍ‏.‏

وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لو سَكَنَ بِأُجْرَةٍ لم يَأْثَمْ بِدَفْعِهَا على الصَّحِيحِ من الرِّوَايَتَيْنِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَعَنْهُ إنْكَارُ عَدَمِ الدَّفْعِ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي لِالْتِزَامِهِ‏.‏

وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَنْبَغِي لهم أَخْذُهُ‏.‏

قُلْت يُعَايَى بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال يَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِيمَنْ عَامَلَ بعينه وَنَحْوِهَا في الزِّيَادَةِ عن ‏[‏على‏]‏ رَأْسِ مَالِهِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هِيَ سَاقِطَةٌ يَحْرُمُ بَذْلُهَا وَمَنْ عِنْدَهُ فَضْلٌ نَزَلَ فيه لِوُجُوبِ بَذْلِهِ وَإِلَّا حَرُمَ نَصَّ عليه‏.‏

نَقْلُ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فيه وَالْبَادِ وَأَنَّ مثله السَّوَادُ وَكُلٌّ عَنْوَةٌ‏.‏

وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ يُسْتَثْنَى من ذلك بِقَاعُ الْمَنَاسِكِ كَالْمَسْعَى وَالْمَرْمَى وَنَحْوِهِمَا بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ إنَّمَا يَحْرُمُ بَيْعُ رِبَاعِهَا وَإِجَارَتُهَا لِأَنَّ الْحَرَمَ حَرِيمُ الْبَيْتِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وقد جَعَلَهُ اللَّهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فيه وَالْبَادِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ التَّخَصُّصُ بِمِلْكِهِ وَتَحْجِيرِهِ لَكِنْ إنْ احْتَاجَ إلَى ما في يَدِهِ منه سَكَنَهُ وَإِنْ اسْتَغْنَى عنه وَجَبَ بَذْلُ فَاضِلِهِ لِلْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وهو مَسْلَكُ بن عَقِيلٍ في نَظَرِيَّاتِهِ وَسَلَكَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ‏.‏

وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَتَرَدَّدَ كَلَامُهُ في جَوَازِ الْبَيْعِ فَأَجَازَهُ مَرَّةً وَمَنَعَهُ أُخْرَى‏.‏

فائدة‏:‏

الْحَرَمُ كَمَكَّةَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ له الْبِنَاءُ فيه وَالِانْفِرَادُ بِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

أُخْرَى لَا خَرَاجَ على مَزَارِعِ مَكَّةَ لِأَنَّهُ جِزْيَةُ الْأَرْضِ‏.‏

وقال في الِانْتِصَارِ على الْأُولَى بَلْ كَسَائِرِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

قال الْمَجْدُ لَا أَعْلَمُ من أَجَازَ ضَرْبَ الْخَرَاجِ عليها سِوَاهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ كل مَاءٍ عِدٍّ كَمِيَاهِ الْعُيُونِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ وَلَا ما في الْمَعَادِنِ الْجَارِيَةِ كَالْقَارِ وَالْمِلْحِ وَالنِّفْطِ وَلَا ما يَنْبُتُ في أَرْضِهِ من الْكِلَاءِ وَالشَّوْكِ‏.‏

هذا مَبْنِيٌّ على أَصْلٍ وهو أَنَّ الْمَاءَ الْعِدَّ وَالْمَعَادِنَ الْجَارِيَةَ وَالْكَلَأَ النَّابِتَ في أَرْضِهِ هل تُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ قبل حِيَازَتِهَا أَمْ لَا يُمْلَكُ فيه رِوَايَتَانِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا تُمْلَكُ قبل حِيَازَتِهَا بِمَا تُرَادُ له وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَمْلِكُ ذلك بِمُجَرَّدِ مِلْكِ الْأَرْضِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّمَانِينَ وَأَكْثَرُ النُّصُوصِ عن أَحْمَدَ تَدُلُّ على الْمِلْكِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ‏.‏

وَتَأْتِي هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وكثير ‏[‏كثير‏]‏ من الْأَصْحَابِ ذَكَرُوهُمَا هُنَاكَ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ لِمَالِكِ الْأَرْضِ بَيْعُ ذلك وَلَا يَمْلِكُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ لَكِنْ يَكُونُ مُشْتَرِيهِ أَحَقَّ بِهِ من غَيْرِهِ‏.‏

وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا من أَخَذَ منه شيئا مَلَكَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ له دُخُولُ مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ وَلَوْ اسْتَأْذَنَهُ حَرُمَ مَنْعُهُ إنْ لم يَحْصُلْ ضَرَرٌ‏.‏

وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِأَخْذِهِ وَخَرَّجَهُ رِوَايَةً من أَنَّ النَّهْيَ يَمْنَعُ التَّمْلِيكَ‏.‏

وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَجُوزُ لِمَالِكِ الْأَرْضِ التَّصَرُّفُ فيه بِسَائِرِ ما يَنْقُلُ الْمِلْكَ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ من أَرْضِهِ وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ له‏.‏

وَجَوَّزَ ذلك الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في مَقْطَعٍ مَحْسُوبٍ عليه يُرِيدُ تَعْطِيلَ ما يَسْتَحِقُّهُ من زَرْعٍ وَبَيْعِ الْمَاءِ‏.‏

قال في الِاخْتِيَارَاتِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْكَلَأِ وَنَحْوِهِ وَالْمَوْجُودِ في أَرْضِهِ إذَا قَصَدَ اسْتِنْبَاتَهُ‏.‏

وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا لَا يَدْخُلُ الظَّاهِرُ منه في بَيْعِ الْأَرْضِ إلَّا بِشَرْطٍ سَوَاءٌ قال بِحُقُوقِهَا أو لَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَذَكَرَ الْمَجْدُ احْتِمَالًا يَدْخُلُ فيه جَعْلًا لِلْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ كَاللَّقْطِ‏.‏

وَلَهُ الدُّخُولُ لِرَعْيِ كَلَأٍ وَأَخْذِهِ وَنَحْوِهِ إذَا لم يُحَوِّطْ عليه بِلَا ضَرَرٍ نَقَلَه ابن مَنْصُورٍ وقال لِأَنَّهُ ليس لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَهُ‏.‏

وَعَنْهُ مُطْلَقًا نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ عَكْسُهُ وهو‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ له الدُّخُولُ في مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ‏.‏

قال في الْحَاوِي في إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَكَذَا قال غَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ وَلَا شَكَّ في تَنَاوُلِهَا ما هو مَحُوطًا وما ليس بِمَحُوطٍ وَنَصَّ على الْإِطْلَاقِ من رِوَايَةِ مُهَنَّا‏.‏

وَقَيَّدَ في الْمُغْنِي في إحْيَاءِ الْمَوَاتِ بِالْمَحُوطِ وهو الْمَنْصُوصُ من رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فيه قال فَيُفِيدُ كَوْنَ التَّقْيِيدِ أَشْبَهَ بِالْمَذْهَبِ‏.‏

قال وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْإِذْنَ فِيمَا عَدَا الْمَحُوطَ لَا يُعْتَبَرُ بِحَالٍ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ هل يَجُوزُ أَخْذُ ذلك بِغَيْرِ إذْنِهِ على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَمِنْ الْأَصْحَابِ من قال الْخِلَافُ في غَيْرِ الْمَحُوطِ فَأَمَّا الْمَحُوطُ فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ خِلَافٍ انْتَهَى‏.‏

وَعَنْهُ عَكْسُهُ يَعْنِي لَا يَفْعَلُ ذلك مُطْلَقًا وَكَرِهَهُ في التَّعْلِيقِ وَالْوَسِيلَةِ وَالتَّبْصِرَةِ‏.‏

تنبيهات‏:‏

أحدها ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا رِوَايَةً بِجَوَازِ بَيْعِ ذلك مع عَدَمِ الْمِلْكِ في ذلك كُلِّهِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ وَلَعَلَّهُ من بَابِ الْمُعَاوَضَةِ عَمَّا يَسْتَحِقُّ تَمَلُّكَهُ انْتَهَى‏.‏

قُلْت صَرَّحَ الشَّارِحُ أَنَّ الْخِلَافَ الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَبْنِيٌّ على الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ‏.‏

الثَّانِي يَأْتِي في آخِرِ كِتَابِ الصَّيْدِ لو حَصَلَ في أَرْضِهِ سَمَكٌ أو عَشَّشَ فيه طَائِرٌ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ على الصَّحِيحِ وَقِيلَ يَمْلِكُهُ‏.‏

الثَّالِثُ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ إذَا لم يَحُزْهُ فَأَمَّا إذَا حَازَهُ فإنه يَمْلِكُهُ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

الرَّابِعُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ ما في الْمَعَادِنِ الْجَارِيَةِ أَنَّ الْمَعَادِنَ الْبَاطِنَةَ كَمَعَادِن الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَالْكُحْلِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْيَاقُوتِ وما أَشْبَهَهَا تُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ التي هِيَ فيها وَيَجُوزُ‏.‏

بَيْعُهَا سَوَاءٌ كان مَوْجُودًا خَفِيًّا أَمْ حَدَثَ بَعْدَ أَنْ مَلَكَهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى سَوَاءٌ كان ذلك فيها خَفِيًّا أو حَدَثَ ذلك فيها بَعْدَ أَنْ مَلَكَهَا‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْآبِقِ‏.‏

أَنَّهُ سَوَاءٌ كان الْمُشْتَرِي قَادِرًا عليه أو لَا وهو الصَّحِيحُ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ الْمَنْعُ

‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِقَادِرٍ على تَحْصِيلِهِ كَالْمَغْصُوبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمُوا بِهِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

فَعَلَى هذا الْقَوْلِ إنْ عَجَزَ عن تَحْصِيلِهِ كان له الْفَسْخُ كَالْمَغْصُوبِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا وَكَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ لو اشْتَرَاهُ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ على تَحْصِيلِهِ فَبَانَ بِخِلَافِ ذلك وَحَصَّلَهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْأُصُولِيَّةِ‏.‏

وفي الْمُغْنِي احْتِمَالٌ بِالْفَرْقِ بين من يَعْلَمُ أَنَّ الْمَبِيعَ يَفْسُدُ بِالْعَجْزِ عن التَّسْلِيمِ فَيَفْسُدُ وَبَيْنَ من لَا يَعْلَمُ ذلك فَيَصِحُّ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا الطَّيْرِ في الْهَوَاءِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَالْحَالَةُ هذه إذَا كان يَأْلَفُ الْمَكَانَ وَالرُّجُوعَ إلَيْهِ وَاخْتَارَهُ في الْفُنُونِ وقال هو ‏[‏وهو‏]‏ قَوْلُ الْجَمَاعَةِ وَأَنْكَرَهُ من لم يُحَقِّقْ‏.‏

فائدة‏:‏

لو كان الْبُرْجُ مُغْلَقًا وَيُمْكِنُ أَخْذُ الطَّيْرِ منه أو كان السَّمَكُ في مَكَان له يُمْكِنُ أَخْذُهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَطُولَ الْمُدَّةُ في تَحْصِيلِهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ إلَّا بِتَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ أو لَا تَطُولُ الْمُدَّةُ فَإِنْ لم تَطُلْ الْمُدَّةُ في تَحْصِيلِهِ جَازَ بَيْعُهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَهُ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ أَنَّ فيه وَجْهَيْنِ‏.‏

وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَيُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ لَكِنْ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ بَيْعِهِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وقال الْقَاضِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَالْحَالَةُ هذه وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَأَمَّا إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ ولم يَسْهُلْ أَخْذُهُ بِحَيْثُ يَعْجَزُ عن تَسْلِيمِهِ لم يَصِحَّ الْبَيْعُ لِعَجْزِهِ عن تَسْلِيمِهِ في الْحَالِ وَلِلْجَهْلِ بِوَقْتِ تَسْلِيمِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ يَصِحُّ وهو ظَاهِرُ تَعْلِيلِ أَحْمَدَ بِجَهَالَتِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا الْمَغْصُوبِ إلَّا من غَاصِبِهِ أو من يَقْدِرُ على أَخْذِهِ‏.‏

بَيْعُ الْمَغْصُوبِ من غَاصِبِهِ صَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ وَبَيْعُهُ مِمَّنْ يَقْدِرُ على أَخْذِهِ من الْغَاصِبِ صَحِيحٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَكَذَا الْقَادِرُ عليه على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو عَجَزَ عن تَحْصِيلِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ‏.‏

قَوْلُهُ السَّادِسُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِرُؤْيَةٍ‏.‏

يَعْنِي من الْمُتَعَاقِدَيْنِ‏.‏

يَصِحُّ الْبَيْعُ بِالرُّؤْيَةِ وَهِيَ تَارَةً تَكُونُ مُقَارِنَةً لِلْبَيْعِ وَتَارَةً تَكُونُ غير مُقَارِنَةٍ فَإِنْ كانت مُقَارِنَةً لِجَمِيعِهِ صَحَّ الْبَيْعُ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كانت مُقَارِنَةً لِبَعْضِهِ فَإِنْ دَلَّتْ على بَقِيَّتِهِ صَحَّ الْبَيْعُ نَصَّ عليه فَرُؤْيَةُ أَحَدِ وَجْهَيْ ثَوْبٍ تَكْفِي فيه إذَا كان غير مَنْقُوشٍ وَكَذَا رُؤْيَةُ وَجْهِ الرَّقِيقِ وَظَاهِرِ الصُّبْرَةِ الْمُتَسَاوِيَةِ الْأَجْزَاءِ من حَبٍّ وَتَمْرٍ وَنَحْوِهِمَا وما في الظُّرُوفِ من مَائِعٍ مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ وما في الْأَعْدَالِ من جِنْسٍ وَاحِدٍ وَنَحْوِ ذلك‏.‏

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْأُنْمُوذَجِ بِأَنْ يُرِيَهُ صَاعًا وَيَبِيعَهُ الصُّبْرَةَ على أنها من جِنْسِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ ضَبْطُ الْأُنْمُوذَجِ كَذِكْرِ الصِّفَاتِ نَقَلَ جَعْفَرُ فِيمَنْ يَفْتَحُ جِرَابًا وَيَقُولُ الْبَاقِي بِصِفَتِهِ إذَا جاء على صِفَتِهِ ليس له رَدُّهُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وما عَرَفَهُ بِلَمْسِهِ أو شَمِّهِ أو ذَوْقِهِ فَكَرُؤْيَتِهِ‏.‏

وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ الْمَبِيعَ تَقْرِيبًا فَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ غَيْرِ جَوْهَرِيٍّ جَوْهَرَةً‏.‏

وَقِيلَ وَيُشْتَرَطُ شَمُّهُ وَذَوْقُهُ‏.‏

قَوْلُهُ فإذا اشْتَرَى ما لم يَرَهُ ولم يُوصَفْ له أو رَآهُ ولم يَعْلَمْ ما هو أو ذَكَرَ له من صِفَتِهِ ما لَا يَكْفِي في السَّلَمِ لم يَصِحَّ الْبَيْعُ

‏.‏

إذَا لم يَرَ الْمَبِيعَ فَتَارَةً يُوصَفُ له وَتَارَةً لَا يُوصَفُ فَإِنْ لم يُوصَفْ له لم يَصِحَّ الْبَيْعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ‏.‏

وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ وَضَعَّفَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في مَوْضِعٍ آخَرَ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ هذا إذَا ذَكَرَ جِنْسَهُ فَأَمَّا إذَا لم يذكر جِنْسَهُ فَلَا يَصِحُّ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ‏.‏

وَإِنْ وَصَفَ له فَتَارَةً يَذْكُرُ له من صِفَتِهِ ما يَكْفِي في السَّلَمِ وَتَارَةً يَذْكُرُ ما لَا يَكْفِي في السَّلَمِ فَإِنْ ذَكَرَ له من صِفَتِهِ ما لَا يَكْفِي في السَّلَمِ لم يَصِحَّ الْبَيْعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ وَالرِّوَايَةِ التي اخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في عَدَمِ اشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ له خِيَارُ الرُّؤْيَةِ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَلَهُ أَيْضًا فَسْخُ الْعَقْدِ قبل الرُّؤْيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال ابن الْجَوْزِيِّ لَا فَسْخَ له كَإِمْضَائِهِ‏.‏

وَلَيْسَ له الْإِجَازَةُ قبل الرُّؤْيَةِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَلِلْبَائِعِ أَيْضًا الْخِيَارُ إذَا بَاعَ ما لم يَرَهُ وَقُلْنَا بِصِحَّتِهِ على تِلْكَ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو قال بِعْتُك هذا الْبَغْلَ بِكَذَا فقال اشْتَرَيْته فَبَانَ فَرَسًا أو حِمَارًا لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ وَلَهُ الْخِيَارُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

الثَّانِيَةُ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَعَنْهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِلَا رُؤْيَةٍ وَلَا صِفَةٍ وَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُهُ في مَجْلِسِ الرُّؤْيَةِ‏.‏

وَقِيلَ بَلْ على الْفَوْرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا خِيَارَ له إلَّا بِعَيْبٍ قال في الْفَائِقِ وهو بَعِيدٌ‏.‏

وَذَكَرَ في الرِّعَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا رَأَى عَيْنًا وَجَهِلَهَا أو ذَكَرَ له من الصِّفَةِ ما لَا‏.‏

يَكْفِي في السَّلَمِ رِوَايَةُ الصِّحَّةِ وقال وَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ على الْفَوْرِ وَقِيلَ في مَجْلِسِ الرُّؤْيَةِ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن رَزِينٍ إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَيَكُونُ على الْفَوْرِ‏.‏

وَقِيلَ يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ الذي وُجِدَتْ فيه الرُّؤْيَةُ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ إذَا ظَهَرَ بِخِلَافِ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ أو صِفَةٍ على التَّرَاخِي إلَّا بِمَا يَدُلُّ على الرِّضَا من سَوْمٍ وَنَحْوِهِ لَا بِرُكُوبِهِ الدَّابَّةَ في طَرِيقِ الرَّدِّ‏.‏

وَعَنْهُ على الْفَوْرِ‏.‏

وَعَلَيْهِمَا مَتَى أَبْطَلَ حَقَّهُ من رَدَّهُ فَلَا أَرْشَ في الْأَصَحِّ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ ذَكَرَ له من صِفَتِهِ ما يَكْفِي في السَّلَمِ أو رَآهُ ثُمَّ عَقَدَا بَعْدَ ذلك بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فيه ظَاهِرًا صَحَّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى لَا يَصِحُّ حتى يَرَاهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ أو رَآهُ ثُمَّ عَقَدَا بَعْدَ ذلك بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فيه ظَاهِرًا أَنَّهُ لو عَقَدَ عليه بَعْدَ ذلك بِزَمَنٍ يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ فيه وَعَدَمُهُ على السَّوَاءِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَأَمَّا إذَا عَقَدَهُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ بِزَمَنٍ يَتَغَيَّرُ فيه ظَاهِرًا لم يَصِحَّ الْبَيْعُ‏.‏

فائدة‏:‏

مَتَى قُلْنَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِالصِّفَةِ صَحَّ بَيْعُ الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ نَصَّ عليه كَتَوْكِيلِهِ‏.‏

وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْمَبِيعِ بِالذَّوْقِ أو بِالشَّمِّ صَحَّ بَيْعُ‏.‏

الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ وَإِنْ لم يُمْكِنْ جَازَ بَيْعُهُ بِالصِّفَةِ كَالْبَصِيرِ وَلَهُ خِيَارُ الْخُلْفِ في الصِّفَةِ انْتَهَيَا‏.‏

وقال في الْكَافِي فَإِنْ عُدِمَتْ الصِّفَةُ وَأَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْمَبِيعِ بِذَوْقٍ أو شَمٍّ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ لم يَتَغَيَّرْ فَلَا خِيَارَ له وَإِنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا فَلَهُ الْفَسْخُ‏.‏

يُسَمَّى هذا خِيَارَ الْخُلْفِ في الصِّفَةِ لِأَنَّهُ وَجَدَ الْمَوْصُوفَ بِخِلَافِ الصِّفَةِ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخَ إنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا أو وَجَدَهُ على خِلَافِ ما وَصَفَهُ له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا‏.‏

وَقِيلَ له الْفَسْخُ مع الْقَبْضِ وَيَكُونُ على التَّرَاخِي إلَّا أَنْ يُوجَدَ منه ما يَدُلُّ على الرِّضَا من سَوْمٍ وَنَحْوِهِ لَا بِرُكُوبِهِ الدَّابَّةَ في طَرِيقِ الرَّدِّ‏.‏

وَعَنْهُ على الْفَوْرِ وَعَلَيْهِمَا مَتَى أَبْطَلَ حَقَّهُ من الرَّدِّ فَلَا أَرْشَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الرِّعَايَةِ وَالشَّرْحِ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ في ذلك قَوْلُ الْمُشْتَرِي مع يَمِينِهِ‏.‏

يَعْنِي إذَا وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا أو على خِلَافِ ما وَصَفَهُ له وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا قال في الرِّعَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ‏.‏

وقال الْمَجْدُ ذَكَرَ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ بِعُمُومِ كَلَامِهِ إذَا اخْتَلَفَا في صِفَةِ الْمَبِيعِ هل يَتَحَالَفَانِ أو الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فيه رِوَايَتَانِ وَسَيَأْتِي‏.‏

قال في النُّكَتِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَيَتَوَجَّهُ فيه قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يُقَدَّمُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَالثَّانِي يَتَحَالَفَانِ‏.‏

قال وَجَعَلَ الْأَصْحَابُ الْمَذْهَبَ هُنَا قَوْلَ الْمُشْتَرِي مع أَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَهُمْ‏.‏

فِيمَا إذَا قال بِعْتنِي هَذَيْنِ بِمِائَةٍ قال بَلْ أَحَدَهُمَا بِخَمْسِينَ أو بِمِائَةٍ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بَيْعِ الْآخَرِ مع أَنَّ الْأَصْلَ السَّابِقَ مَوْجُودٌ هُنَا وهو مُشْكِلٌ انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

الْبَيْعُ بِالصِّفَةِ نَوْعَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا بَيْعُ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك عَبْدِي التُّرْكِيَّ وَيَذْكُرُ صِفَاتِهِ فَهَذَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ عليه بِرَدِّهِ على الْبَائِعِ وَتَلَفِهِ قبل قَبْضِهِ وَيَجُوزُ التَّفَرُّقُ قبل قَبْضِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ كَبَيْعِ الْحَاضِرِ‏.‏

الثَّانِي بَيْعُ مَوْصُوفٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك عَبْدًا تُرْكِيًّا ثُمَّ يَسْتَقْصِي صِفَاتِ السَّلَمِ فَيَصِحُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ صَحَّ الْبَيْعُ في الْأَقْيَسِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ في مَعْنَى السَّلَمِ‏.‏

فَمَتَى سَلَّمَ إلَيْهِ عَبْدًا على غَيْرِ ما وَصَفَهُ له فَرَدَّهُ على ما وَصَفَهُ له فَأَبْدَلَهُ لم يَفْسُدْ الْعَقْدُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لم يَقَعْ على عَيْنِ هذا‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَحَكَاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوَايَةً وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ في التَّلْخِيصِ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عليه‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إنْ كان في مِلْكِهِ وَإِلَّا فَلَا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

وقد يُؤْخَذُ هذا من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في قَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ما لَا يَمْلِكُهُ لِيَمْضِ وَيَشْتَرِهِ وَيُسَلِّمْهُ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ التَّفَرُّقُ عن مَجْلِسِ الْعَقْدِ قبل قَبْضِ الْمَبِيعِ أو قَبْضِ ثَمَنِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وقال الْقَاضِي يَجُوزُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ في أَوَّلِ بَابِ السَّلَمِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُهُ لَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ ثَمَنِهِ وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ يُعْتَبَرُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو أَوْلَى لِيَخْرُجَ عن بَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

ذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِصْنَاعُ سِلْعَةٍ لِأَنَّهُ بَاعَ ما ليس عِنْدَهُ على غَيْرِ وَجْهِ السَّلَمِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقَالُوا أَيْضًا لَا يَصِحُّ بَيْعُ ثَوْبٍ نَسَجَ بَعْضَهُ على أَنْ يَنْسِجَ بَقِيَّتَهُ وَعَلَّلُوا تَبَعًا لِلْقَاضِي بِأَنَّ بَيْعَ الْمَنْسُوجِ بَيْعُ عَيْنٍ وَالْبَاقِي مَوْصُوفٌ في الذِّمَّةِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ الْوَاحِدُ بَعْضُهُ بَيْعُ عَيْنٍ وَبَعْضُهُ مُسْلَمٌ فيه لِأَنَّ الْبَاقِي سَلَمٌ في أَعْيَانٍ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَمٌ وَاسْتِئْجَارٌ فَاللُّحْمَةُ غَائِبَةٌ فَهِيَ مُسْلَمٌ فيه وَالنَّسْجُ اسْتِئْجَارُ وَاقْتَصَرَ على ذلك في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال وَقِيلَ يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَى الْمُشْتَرِي إنْ صَحَّ جَمْعٌ بين بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ منه بِعَقْدٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَمٌ أو شُرِطَ فيه نَفْعُ الْبَائِعِ انْتَهَى‏.‏

فَإِنْ أَحْضَرَ اللُّحْمَةَ وَبَاعَهَا مع الثَّوْبِ وَشَرَطَ على الْبَائِعِ نَسْجَهَا فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ في اشْتِرَاطِ مَنْفَعَةِ الْبَائِعِ على ما يَأْتِي ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَمْلِ في الْبَطْنِ وَلَا اللَّبَنِ في الضَّرْعِ‏.‏

بَيْعُ الْحَمْلِ في الْبَطْنِ نهى الشَّارِعُ عنه فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إجْمَاعًا وهو بَيْعُ الْمَجْرِ وَنَهَى الشَّارِعُ أَيْضًا عنه قال أبو عُبَيْدٍ هو بِسُكُونِ الْجِيمِ وقال أبو عُبَيْدَةَ وَالْقُتَيْبِيُّ هو بِفَتْحِهَا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ‏.‏

وَنَهَى الشَّارِعُ أَيْضًا عن بَيْعِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ قال أبو عُبَيْدٍ الْمَلَاقِيحُ الْأَجِنَّةُ وَالْمَضَامِينُ ما في أَصْلَابِ الْفُحُولِ‏.‏

وقال ابن الْأَعْرَابِيِّ الْمَجْرُ ما في بَطْنِ النَّاقَةِ وَالْمَجْرُ الرِّبَا وَالْمَجْرُ الْقِمَارُ وَالْمَجْرُ الْمُحَاقَلَةُ وَالْمُزَابَنَةُ انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ الْمَضَامِينُ ما في بُطُونِهَا وَالْمَلَاقِيحُ ما في ظُهُورِهَا‏.‏

وَعَلَى التَّفْسِيرَيْنِ هو غَيْرُ عَسْبِ الْفَحْلِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِأَنَّ عَسْبَ الْفَحْلِ هو أَنْ يُؤَجَّرَ الْفَحْلُ لِيَنْزُوَ على أُنْثَى غَيْرِهِ وَظَاهِرُ ما في التَّلْخِيصِ أَنَّ الذي في الظُّهُورِ هو عَسْبُ الْفَحْلِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ بَيْعُ الْحَمْلِ في الْبَطْنِ هو بَيْعِ الْمَضَامِينِ وهو الْمَجْرُ انْتَهَى‏.‏

وَعَلَى كل حَالٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُ عَسْبِ الْفَحْلِ وهو ضِرَابُهُ بِلَا نِزَاعٍ وَيَأْتِي في الْإِجَارَةِ حُكْمُ إجَارَتِهِ‏.‏

وَأَمَّا بَيْعُ اللَّبَنِ في الضَّرْعِ فَلَا يَصِحُّ قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ قال إنْ بَاعَهُ لَبَنًا مَوْصُوفًا في الذِّمَّةِ وَاشْتَرَطَ كَوْنَهُ من شَاةٍ أو بَقَرَةٍ مُعَيَّنَةٍ جَازَ‏.‏

وَحَكَى بن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ في جَوَازِ بَيْعِهِ خِلَافًا وَأَطْلَقَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا الْمِسْكِ في الْفَأْرِ‏.‏

يَعْنِي لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وهو الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ وَجَّهَ تَخْرِيجًا وَاحْتِمَالًا بِالْجَوَازِ‏.‏

وقال لِأَنَّهَا وِعَاءٌ له يَصُونَهُ وَيَحْفَظُهُ فَيُشْبِهُ ما مَأْكُولُهُ في جَوْفِهِ وَتُجَّارُ ذلك يَعْرِفُونَهُ فيها فَلَا غَرَرَ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الهدى‏.‏

قُلْت وهو قَوِيٌّ في النَّظَرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا الصُّوفِ على الظَّهْرِ‏.‏

يَعْنِي لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ بِشَرْطِ جَزِّهِ في الْحَالِ‏.‏

قُلْت وَفِيهِ قُوَّةٌ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ بِأَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِحَيٍّ‏.‏

قُلْت حَيْثُ قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ لَا يُشْتَرَطُ ذلك وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَتَرَكَهُ حتى طَالَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الرَّطْبَةِ إذَا طَالَتْ على ما يَذْكُرُهُ في بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا غير مُعَيَّنٍ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا عَبْدًا من عَبِيدٍ وَلَا شَاةً من قَطِيعٍ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَصَرَّحُوا بِهِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّرِيفِ أبي جَعْفَرٍ وَأَبِي الْخَطَّابِ أَنَّهُ يَصِحُّ إنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمْ‏.‏

قُلْت هذا كَالْمُتَعَذِّرِ وُجُودُهُ‏.‏

وقال في الِانْتِصَارِ في مَسْأَلَةِ تَعْيِينِ النُّقُودِ إنْ ثَبَتَ لِلثِّيَابِ عُرْفٌ وَصِفَةٌ صَحَّ إطْلَاقُ الْعَقْدِ عليها كَالنُّقُودِ أَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ‏.‏

وفي الْمُفْرَدَاتِ يَصِحُّ بَيْعُ عَبْدٍ من ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَغْرُوسِ في الْأَرْضِ الذي يَظْهَرُ وَرَقُهُ فَقَطْ كَاللِّفْتِ وَالْفُجْلِ وَالْجَزَرِ وَالْقُلْقَاسِ وَالْبَصَلِ وَالثُّومِ وَنَحْوِ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا ذَكَرَاهُ في بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال اخْتَارَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ قُلْت وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ وَلَهُ الْخِيَارُ بَعْدَ قَلْعِهِ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وَخَرَّجَه ابن عقيل على رِوَايَتَيْ الْغَائِبِ‏.‏

قال الطُّوفِيُّ في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَالِاسْتِحْسَانُ جَوَازُهُ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ وَالْغَرَرُ يَنْدَفِعُ بِاجْتِهَادِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَالدِّرَايَةِ بِهِ وهو مَذْهَبُ مَالِكٍ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا شَجَرَةٍ من بُسْتَانٍ ولا ‏[‏وهؤلاء‏]‏ هؤلاء الْعَبِيدُ إلَّا وَاحِدًا غير مُعَيَّنٍ وَلَا هذا الْقَطِيعِ إلَّا شَاةً‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ وَنَصَّ عليه‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَطَاءِ قبل قَبْضِهِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَمَجْهُولٌ وَلَا بَيْعُ رُقْعَةٍ بِهِ وَعَنْهُ يَبِيعُهَا بِعِوَضٍ مَقْبُوضٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُ قَفِيزًا من هذه الصُّبْرَةِ صَحَّ‏.‏

مُقَيَّدٌ بِأَنْ تَكُونَ الصُّبْرَةُ أَكْثَرَ من قَفِيزٍ وهو الظَّاهِرُ من كَلَامِهِمْ وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِأَنْ تَكُونَ أَجْزَاؤُهَا مُتَسَاوِيَةً فَلَوْ اخْتَلَفَتْ أَجْزَاؤُهَا لم يَصِحَّ الْبَيْعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَصُبْرَةِ بَقَّالِ الْقَرْيَةِ وَالْمُحَدِّرِ من قَرْيَةٍ إلَى قَرْيَةٍ يَجْمَعُ ما يَبِيعُ بِهِ من الْبُرِّ مَثَلًا أو الشَّعِيرِ الْمُخْتَلِفِ الْأَوْصَافِ وَقِيلَ يَصِحُّ من ذلك صُبْرَةُ بَقَّالِ الْقَرْيَةِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ‏.‏

وقال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَإِنْ بَاعَ نِصْفَهَا أو ثُلُثَهَا أو جُزْءًا منها صَحَّ مُطْلَقًا لِظَاهِرِ النُّصُوصِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ اخْتَلَفَتْ أجزاؤها ‏[‏أجزاؤه‏]‏ كَصُبْرَةِ بَقَّالِ الْقَرْيَةِ لم يَصِحَّ انْتَهَى‏.‏

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَظْهَرُ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو تَلِفَتْ الصُّبْرَةُ كُلُّهَا إلَّا قَفِيزًا كان هو الْمَبِيعَ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو فَرَّقَ قُفْزَانَ الصُّبْرَةِ الْمُتَسَاوِيَةَ الْأَجْزَاءِ أو بَاعَ أَحَدَهُمَا مُبْهَمًا صَحَّ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي الصِّحَّةُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ في الْخِلَافِ صِحَّةَ إجَارَةِ عَيْنٍ من أَعْيَانٍ مُتَقَارِبَةِ النَّفْعِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَتَفَاوَتُ كَالْأَعْيَانِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ صَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ الصُّبْرَةَ إلَّا قَفِيزًا لم يَصِحَّ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ لم يَصِحَّ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ وهو قَوِيٌّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَعْلَمَا قُفْزَانَهَا فَأَمَّا إنْ عَلِمَا قُفْزَانَهَا فَيَصِحُّ بِلَا نِزَاعٍ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وهو وَاضِحٌ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ بَاطِنِ الصُّبْرَةِ وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي مَوْضُوعِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَشَرَطَهُ أبو بَكْرٍ في ال

تنبيه‏:‏

إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ ظَهَرَ تَحْتَهَا رَبْوَةٌ وَنَحْوُهَا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بين الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ كما لو وَجَدَ بَاطِنَهَا رَدِيئًا نَصَّ عليه‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ بِمِثْلِ ما فَاتَ قَالَه ابن عقيل وَإِنْ ظَهَرَ تَحْتَهَا حُفْرَةٌ أو بَاطِنَهَا خُيِّرَ من ظَاهِرِهَا فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ لم يَعْلَمْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا خِيَارَ له قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَأْخُذَ منها ما حَصَلَ من الِانْخِفَاضِ قَالَه ابن عقيل‏.‏

وَاخْتَارَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ أَنَّ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى حُكْمُ ما لو بَاعَهُ أَرْضًا على‏.‏

أنها عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَبَانَتْ تِسْعَةً وَحُكْمُ الثَّانِيَةِ حُكْمُ ما لو بَاعَهُ على أنها عَشَرَةٌ فَبَانَتْ أَحَدَ عَشَرَ‏.‏

فائدة‏:‏

اسْتِثْنَاءُ صَاعٍ من ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ كَاسْتِثْنَاءِ قَفِيزٍ من صُبْرَةٍ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في هذه الْمَسْأَلَةِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيِّ بِالصِّحَّةِ فيها‏.‏

وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا اسْتَثْنَى مُشَاعًا من صُبْرَةٍ أو بُسْتَانٍ وَنَحْوِهِ كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ‏.‏

قَوْلُهُ أو ثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ إلَّا صَاعًا لم يَصِحَّ‏.‏

في هذه الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا أَنَّ حُكْمَ اسْتِثْنَاءِ صَاعٍ من شَجَرَةٍ كَاسْتِثْنَاءِ قَفِيزٍ من صُبْرَةٍ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَصَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فيها في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ صَاعٍ من شَجَرَةٍ وَلَوْ مَنَعْنَا من صِحَّتِهِ في الصُّبْرَةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في شَرْحِهِ وَجَامِعِهِ الصَّغِيرِ وَقَاسَهَا على سَوَاقِطِ الشَّاةِ وَقَدَّمَهَا في الْفُرُوعِ فَهَذَا الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ذلك‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ أَرْضًا إلَّا جَرِيبًا أو جَرِيبَيْنِ من أَرْضٍ يَعْلَمَانِ جُرْبَانَهَا صَحَّ وكان مُشَاعًا فيها وَإِلَّا لم يَصِحَّ‏.‏

يَعْنِي وَإِنْ لم يَعْلَمَا جُرْبَانِهَا لم يَصِحَّ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لو بَاعَهُ ذِرَاعًا من ثَوْبٍ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا إذَا عَلِمَا الْجُرْبَانَ وَالْأَذْرُعَ في الثَّوْبِ صَحَّ الْبَيْعُ وكان مُشَاعًا وَإِنْ لم يَعْلَمَا ذلك لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فِيهِمَا لم يَصِحَّ في الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِأَنَّهُ لَا مُعَيَّنًا وَلَا مُشَاعًا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

وَلَوْ قال بِعْتُك من هذا الثَّوْبِ من هذا الْمَوْضِعِ إلَى هُنَا صَحَّ فَإِنْ كان الْقَطْعُ لَا يُنْقِصُهُ قَطَعَاهُ وَإِنْ كان يُنْقِصُهُ وَتَشَاحَّا صَحَّ وَكَانَا شَرِيكَيْنِ فيه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال الْقَاضِي لَا يَصِحُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ إلَّا بِضَرَرٍ يَدْخُلُ عَلَيْهِمَا وَاقْتَصَرَ على قَوْلِ الْقَاضِي في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو بَعِيدٌ‏.‏

فائدة‏:‏

لو بَاعَهُ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ وَعَيَّنَ الِابْتِدَاءَ دُونَ الِانْتِهَاءِ لم يَصِحَّ الْبَيْعُ نُصَّ عليه وَمِثْلُهُ لو قال بِعْتُك نِصْفَ هذه الدَّارِ التي تَلِينِي ذَكَرَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ حَيَوَانًا مَأْكُولًا إلَّا رَأْسَهُ وَجِلْدَهُ وَأَطْرَافَهُ صَحَّ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لو أَبَى الْمُشْتَرِي ذَبْحَهُ لم يُجْبَرْ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ ذلك على التَّقْرِيبِ نُصَّ عليه‏.‏

وَقِيلَ يُجْبَرُ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ مَتَى لم يَذْبَحْهُ يَكُونُ له الْفَسْخُ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ انْتَهَى‏.‏

الثَّانِيَةُ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ بِعَيْبٍ يَخْتَصُّ هذا الْمُسْتَثْنَى ذَكَرَهُ في الْفُنُونِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَيَتَوَجَّهُ لَا فَسْخَ له‏.‏

الثَّالِثَةُ لو بَاعَهُ الْجِلْدَ وَالرَّأْسَ وَالْأَطْرَافَ مُنْفَرِدَةً لم يَصِحَّ وَإِنْ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ لِعَدَمِ اعْتِيَادِهِ عُرْفًا وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ اسْتِبْقَاءٌ وهو يُخَالِفُ الْعَقْدَ الْمُبْتَدَأَ لِجَوَازِ اسْتِبْقَاءِ الْمَتَاعِ في الدَّارِ الْمَبِيعَةِ إلَى رَفْعِهِ الْمُعْتَادِ وَبَقَاءُ مِلْكِ النِّكَاحِ على الْمُعْتَدَّةِ من غَيْرِهِ وَالْمُرْتَدَّةِ وَلِصِحَّةِ بَيْعِ الْوَرَثَةِ أَمَةً مُوصًى بِحَمْلِهَا دُونَ حَمْلِهَا‏.‏

قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا لم تَكُنْ الشَّاةُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ كانت لِلْمُشْتَرِي فَيَتَخَرَّجُ على الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَ الثَّمَرَةَ قبل بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِمَنْ الْأَصْلُ له إلَّا أَنْ يَعْثُرَ على فَرْقٍ بَيْنَهُمَا‏.‏

الرَّابِعَةُ لو اسْتَثْنَى جُزْءًا مُشَاعًا مَعْلُومًا من شَاةٍ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ صَحَّ على الْأَصَحِّ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَاخْتَارَه ابن عقيل وَغَيْرُهُمْ‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ وهو الصَّحِيحُ عِنْدِي وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَاسَهُ على اسْتِثْنَاءِ الشَّحْمِ‏.‏

وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَرُدَّ قِيَاسُ الْقَاضِي بِأَنَّ الشَّحْمَ مَجْهُولٌ وَلَا جَهَالَةَ هُنَا‏.‏

وَحَمَل ابن عَقِيلٍ كَلَامَ الْقَاضِي على أَنَّهُ اسْتَثْنَى رُبُعَ لَحْمِ الشَّاةِ لَا رُبُعَهَا مُشَاعًا ثُمَّ اخْتَارَ الصِّحَّةَ في ذلك أَيْضًا‏.‏

الْخَامِسَةُ لو اسْتَثْنَى مُشَاعًا من صُبْرَةٍ أو حَائِطٍ كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ أو جَزْءٍ كَثَلَاثَةِ أَثْمَانِهِ صَحَّ الْبَيْعُ وَالِاسْتِثْنَاءُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ صَحَّ على الْأَصَحِّ وقال أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى لَا يَصِحُّ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَثْنَى حَمْلَهُ لم يَصِحَّ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ لم يَصِحَّ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يَصِحُّ نَقَلَهَا بن الْقَاسِمِ وَسِنْدِيٌّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

حَمْلُ الْمَبِيعِ كَالْإِمَا يَسْتَثْنِي *** أَطْرَافَ شَاةٍ هَكَذَا في الْمُغْنِي

فائدة‏:‏

لو اسْتَثْنَى الْحَمْلَ في الْعِتْقِ صَحَّ قَوْلًا وَاحِدًا على ما يَأْتِي في بَابِهِ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ من الْأَصْحَابِ قال في الرِّعَايَةِ صَحَّ على الْأَصَحِّ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا اسْتِثْنَاءُ رِطْلِ لَحْمٍ أو شَحْمٍ كَاسْتِثْنَاءِ الْحَمْلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال أبو الْوَفَاءِ الْمَذْهَبُ صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ رِطْلٍ من لَحْمٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَصِحُّ بَيْعُ حَيَوَانٍ مَذْبُوحٍ ويصح ‏[‏وصح‏]‏ بَيْعُ لَحْمِهِ فيه وَيَصِحُّ بَيْعُ جِلْدِهِ وَحْدَهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ‏.‏

وقال في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُ اللَّحْمِ في الْجِلْدِ وَلَا بَيْعُ الْجِلْدِ مع اللَّحْمِ قبل السَّلْخِ اكْتِفَاءً بِرُؤْيَةِ الْجِلْدِ ويصح ‏[‏وصح‏]‏ بَيْعُ الرُّءُوسِ وَالْأَكَارِعِ وَالسُّمُوطِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَجُوزُ بَيْعُهُ مع جِلْدِهِ جميعا كما قبل الذَّبْحِ وَمَنَعَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْفُقَهَاءِ ظَانًّا أَنَّهُ بَيْعُ غَائِبٍ بِدُونِ رُؤْيَةٍ وَلَا صِفَةٍ‏.‏

قال وَلِذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ وَحْدَهُ وَالْجِلْدِ وَحْدَهُ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو بَاعَ جَارِيَةً حَامِلًا بِحُرٍّ صَحَّ الْبَيْعُ على الصَّحِيحِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال في الْفَائِقِ صَحَّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وقال الْقَاضِي لَا يَصِحُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال إنَّ فيه رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالثَّلَاثِينَ‏.‏

الرَّابِعَةُ قال الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ لو عَدَّ أَلْفَ جَوْزَةٍ وَوَضَعَهَا في كَيْلٍ ثُمَّ فَعَلَ مِثْلَ ذلك بِلَا عَدٍّ لم يَصِحَّ وَنُصَّ عليه‏.‏

قَوْلُهُ وَيَصِحُّ بَيْعُ الْبَاقِلَّا وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ في قِشْرَتِهِ وَالْحَبِّ الْمُشْتَدِّ في سُنْبُلِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً وَقَطَعُوا بِهِ إلَّا أَنَّهُ قال في التَّلْخِيصِ يَصِحُّ على الْمَشْهُورِ عنه وَسَوَاءٌ كان في إبْقَائِهِ صَلَاحٌ ظَاهِرٌ أو لم يَكُنْ‏.‏

قَوْلُهُ السَّابِعُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا‏.‏

يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ حَالَ الْعَقْدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَإِنْ لم يُسَمِّ الثَّمَنَ وَلَهُ ثَمَنُ الْمِثْلِ كَالنِّكَاحِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِوَزْنِ صَنْجَةٍ لَا يَعْلَمَانِ وَزْنَهَا وَبِصُبْرَةٍ ثَمَنًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في التَّرْغِيبِ في الثَّانِيَةِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ فِيهِمَا وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ في الْأُولَى‏.‏

وَمِثْلُ ذلك ما يَسَعُ هذا الْكَيْلَ لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ هُنَا الصِّحَّةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو بَاعَهُ سِلْعَةً مَعْلُومَةً بِنَفَقَةِ عَبْدِهِ شَهْرًا صَحَّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالسَّبْعِينَ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُ السِّلْعَةَ بِرَقْمِهَا‏.‏

لم يَصِحَّ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ بِرَقْمِهَا إذَا كان مَجْهُولًا عِنْدَهُمَا أو عِنْدَ أَحَدِهِمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا وهو وَاضِحٌ‏.‏

أَمَّا إذَا كان الرَّقْمُ مَعْلُومًا فإن الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَيَدْخُلُ في قَوْلِهِ مَعْلُومًا‏.‏

وقد نَصَّ عليه الْمُصَنِّفُ في الْفَصْلِ السَّادِسِ في بَابِ الْخِيَارِ في الْبَيْعِ‏.‏

قَوْلُهُ أو بِأَلْفٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً‏.‏

لم يَصِحَّ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَبَنَاهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ على إسْلَامِ ثَمَنٍ وَاحِدٍ في جِنْسَيْنِ‏.‏

وَيَأْتِي الْخِلَافُ في ذلك في بَابِ السَّلَمِ‏.‏

وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ الصِّحَّةَ وَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ ذَهَبًا وَالنِّصْفُ فِضَّةً بِنَاءً على اخْتِيَارِ بن عَقِيلٍ فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِمِائَةٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً فإنه صَحَّحَ إقْرَارَهُ بِذَلِكَ مُنَاصَفَةً‏.‏

قَوْلُهُ أو بِمَا يَنْقَطِعُ بِهِ السِّعْرُ‏.‏

أَيْ لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قَوْلُهُ أو بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ‏.‏

لم يَصِحَّ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ يصح ‏[‏تصح‏]‏ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال هو أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ في مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قَوْلُهُ أو بِدِينَارٍ مُطْلَقٍ وفي الْبَلَدِ نُقُودٌ لم يَصِحَّ‏.‏

إذَا بَاعَهُ بِدِينَارٍ مُطْلَقٍ وفي الْبَلَدِ نُقُودٌ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ فيها نَقْدٌ غَالِبٌ أو لَا‏.‏

فَإِنْ كان فيها نَقْدٌ غَالِبٌ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ بِهِ إذَا أَطْلَقَ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ وَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو الْأَصَحُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

وَإِنْ لم يَكُنْ في الْبَلَدِ نَقْدٌ غَالِبٌ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ يَصِحُّ‏.‏

فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ يَكُونُ له الْوَسَطُ على الصَّحِيحِ وَعَنْهُ الْأَدْنَى‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ إذَا اخْتَلَفَتْ النُّقُودُ فَلَهُ أَقَلُّهَا قِيمَةً‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال بِعْتُك بِعَشَرَةٍ صِحَاحًا أو أَحَدَ عَشَرَ مُكَسَّرَةً أو بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أو عِشْرِينَ نَسِيئَةً لم يَصِحَّ‏.‏

يَعْنِي ما لم يَتَفَرَّقَا على أَحَدِهِمَا وهو الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ‏.‏

قال أبو الْخَطَّابِ قِيَاسًا على قَوْلِهِ في الْإِجَارَةِ إنْ خِطْته الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِنْ خِطْته غَدًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ‏.‏

وَفَرَّقَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ ذلك جَعَالَةٌ وَهَذَا بَيْعٌ وَيُغْتَفَرُ في الْجَعَالَةِ ما لَا يُغْتَفَرُ في الْبَيْعِ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ الذي يَسْتَحِقُّ بِهِ الْأُجْرَةَ لَا يَمْلِكُ وُقُوعَهُ إلَّا على أَحَدِ الصِّفَتَيْنِ فَتَتَعَيَّنُ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ عِوَضًا فَلَا يُفْضِي إلَى التَّنَازُعِ وَالْبَيْعُ بِخِلَافِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وفي قِيَاسِ أبي الْخَطَّابِ وَالْفَرْقُ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْعِوَضِ‏.‏

في الْجَعَالَةِ شَرْطٌ كما هو في الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ وَالْقَبُولُ في الْبَيْعِ إلَّا على إحْدَى الصِّفَتَيْنِ فَيَتَعَيَّنُ ما يُسَمَّى لها انْتَهَى‏.‏

وَيَأْتِي هل هذا يَتَعَيَّنُ في بَيْعِهِ أَمْ لَا في أَوَّلِ بَابِ الشَّرْطِ في الْبَيْعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ الصُّبْرَةَ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ وَالْقَطِيعَ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ وَالثَّوْبَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ الْبَيْعُ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ‏.‏

وفي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ هُنَا سَهْوٌ لِكَوْنِهِمَا قَالَا وَإِنْ بَاعَهُ صُبْرَةً كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ إنْ جَهِلَا ذلك عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِنْ عَلِمَا فَوَجْهَانِ وَإِنْ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي وَجَهِلَ عِلْمَ بَائِعِهِ بِهِ صَحَّ وَخُيِّرَ وَقِيلَ يَبْطُلُ انْتَهَيَا‏.‏

وَهَذَا الْحُكْمُ إنَّمَا هو في بَيْعِ الصُّبْرَةِ جُزَافًا على ما يَأْتِي فَلَعَلَّ في النَّسْخِ غَلَطًا‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا يَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ جُزَافًا إذَا جَهِلَهَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي نُصَّ عليه وَلَوْ عَلِمَ قَدْرَهَا الْبَائِعُ وَحْدَهُ حَرُمَ بَيْعُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ في ال

تنبيه‏:‏

وابن ابي مُوسَى وَغَيْرُهُمْ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ مَكْرُوهٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ فيه وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ يَقَعُ الْعَقْدُ لَازِمًا نُصَّ عليه‏.‏

وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَلَهُ الرَّدُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في رِوَايَةِ بن الْحَكَمِ‏.‏

وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ هذا بِمَنْزِلَةِ التَّدْلِيسِ وَالْغِشِّ له الرَّدُّ ما لم يَعْلَمْ أَنَّ الْبَائِعَ يَعْلَمُ قَدْرَهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيِّ وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى إنْ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَجَهِلَ عِلْمَ بَائِعِهِ بِهِ صَحَّ وَخُيِّرَ فيه‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِهِ صَحَّ وَلَزِمَ انْتَهَى‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَقَدَّمَهُ في التَّرْغِيبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ قَطَعَ بِهِ طَائِفَةٌ من الْأَصْحَابِ‏.‏

الْ

فائدة‏:‏

الثَّانِيَةُ عِلْمُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ مِثْلُ عِلْمِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال كما لم يُفَرِّقُوا في الْغَبْنِ بين الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وَقَدَّمَ بن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ أَنَّ الْمُغَلَّبَ في الْعِلْمِ الْبَائِعُ بِدَلِيلِ الْعَيْبِ لو عَلِمَهُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ جَازَ وَمَعَ عِلْمِهِمَا يَصِحُّ وفي الرِّعَايَةِ وجهين ‏[‏وجهان‏]‏‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَهُمَا جَمَاعَةٌ في الْمَكِيلِ‏.‏

الْ

فائدة‏:‏

الثَّالِثَةُ لو عَلِمَ قَدْرَ الصُّبْرَةِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَقِيلَ حُكْمُهُمَا حُكْمُ عِلْمِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ على ما تَقَدَّمَ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ فَعُمُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ يَقْتَضِي الْمَنْعَ من ذلك وَجَزَمَ أبو بَكْرٍ في ال

تنبيه‏:‏

بِالْبُطْلَانِ‏.‏

وقال الْقَاضِي الْبَيْعُ صَحِيحٌ لَازِمٌ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ الْمُغْنِي وَالشَّرْحُ وَشَرْح ابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ عَلِمَاهُ إذَنْ فَوَجْهَانِ‏.‏

فائدة‏:‏

يَصِحُّ بَيْعُ دُهْنٍ في ظَرْفٍ معه مُوَازَنَةً كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا إذَا عَلِمَا قَدْرَ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ جَهِلَا زِنَةَ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أو أَحَدِهِمَا فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَصَحَّحَ الْمَجْدُ الصِّحَّةَ إنْ عَلِمَا زِنَةَ الظَّرْفِ فَقَطْ وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِمَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الصِّحَّةَ مُطْلَقًا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَإِنْ احْتَسَبَ بِزِنَةِ الظَّرْفِ على الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ مَبِيعًا وَعَلِمَا مَبْلَغَ كُلٍّ مِنْهُمَا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ‏.‏

وَإِنْ بَاعَهُ جُزَافًا بِظَرْفِهِ أو دُونَهُ صَحَّ‏.‏

وَإِنْ بَاعَهُ إيَّاهُ في ظَرْفِهِ كُلَّ رِطْلٍ بِكَذَا على أَنْ يَطْرَحَ منه وَزْنَ الظَّرْفِ صَحَّ‏.‏

قال الْمَجْدُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَذَكَرَ قَوْلَ حَرْبٍ لِأَحْمَدَ الرَّجُلُ يَبِيعُ الشَّيْءَ في ظَرْفِهِ مِثْلَ قُطْنٍ في جَوَالِيقَ فَيَزِنُهُ وَيُلْقِي لِلظَّرْفِ كَذَا وَكَذَا قال أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ من ذلك‏.‏

ثُمَّ قال الْمَجْدُ وَحَكَيْنَا عن الْقَاضِي خِلَافَ ذلك‏.‏

قال في الْفُرُوعِ ولم أَجِدْهُ ذَكَرَ الْأَقْوَالَ إلَّا قَوْلَ الْقَاضِي الذي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ إذَا بَاعَهُ معه انْتَهَى‏.‏

وإذا اشْتَرَى سَمْنًا أو زَيْتًا في ظَرْفٍ فَوَجَدَ فيه رُبًّا صَحَّ في الْبَاقِي بِقِسْطِهِ وَلَهُ الْخِيَارُ ولم يَلْزَمْهُ بَدَلُ الرُّبِّ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ من الصُّبْرَةِ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ‏.‏

وَكَذَا من الثَّوْبِ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ لم يَصِحَّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ قال ابن عَقِيلٍ وهو الْأَشْبَهُ كَبَيْعِ الصُّبْرَةِ كل قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ لِأَنَّ من وإن أَعْطَتْ الْبَعْضَ فما هو بَعْضٌ مَجْهُولٌ بَلْ قد جَعَلَ لِكُلِّ جُزْءٍ مَعْلُومٍ منها ثَمَنًا مَعْلُومًا فَهُوَ كما لو قال قَفِيزًا منها انْتَهَى‏.‏

وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَا بِنَاءً على قَوْلِهِ في الْإِجَارَةِ إذَا أَجَّرَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ‏.‏

وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ إذَا بَاعَهُ من الصُّبْرَةِ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ لِتَسَاوِي أَجْزَائِهَا بِخِلَافِ بَيْعِهِ من الدَّارِ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ لِاخْتِلَافِ أَجْزَائِهَا ثُمَّ قال بَعْدَ ذلك إذَا بَاعَهُ من هذه الصُّبْرَةِ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ لم يَصِحَّ لِأَنَّهُ لم يَبِعْهُ كُلَّهَا وَلَا قَدْرًا مَعْلُومًا منها بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَجَّرْتُك هذه الدَّارَ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فإنه يَصِحُّ هُنَا في الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فَقَطْ لِلْعِلْمِ بِهِ وَبِقِسْطِهِ من الْأُجْرَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا لم يَصِحَّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَيَجِيءُ على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ إنه يَصِحُّ‏.‏

يَعْنِي إذَا أَقَرَّ وَاسْتَثْنَى عَيْنًا من وَرِقٍ أو وَرِقًا من عَيْنٍ على ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عنه في كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ يَصِحُّ فَيَجِيءُ هُنَا كَذَلِكَ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الصِّحَّةُ في الْإِقْرَارِ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ في تَعْلِيلِهَا فَعَلَّلَهَا بَعْضُهُمْ بِاتِّحَادِ النَّقْدَيْنِ وَكَوْنِهِمَا قِيَمَ الْأَشْيَاءِ وَأُرُوشَ الْجِنَايَاتِ‏.‏

وَعَلَّلَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّ قِيمَةَ الذَّهَبِ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ من الناس فإذا اسْتَثْنَى أَحَدُهُمَا من الْآخَرِ لم يُؤَدِّ إلَى الْجَهَالَةِ غَالِبًا‏.‏

قال وَعَلَى كِلَا التَّعْلِيلَيْنِ لَا يَجِيءُ صِحَّةُ الْبَيْعِ على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ في الْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ لِلْبَيْعِ الْجَهْلُ في حَالِ الْعَقْدِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ بِرَقْمِهِ لم يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَهُ‏.‏

وَعَلَى كِلَا التَّعْلِيلَيْنِ لَا يُخْرِجُ الثَّمَنَ عن كَوْنِهِ مَجْهُولًا حَالَةَ الْعَقْدِ وَفَارَقَ هذا الْإِقْرَارَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمَجْهُولِ يَصِحُّ قال وَهَذَا قَوْلٌ مُتَّجَهٌ لَا دَافِعَ له انْتَهَى‏.‏

قُلْت فِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فإن قَوْلَهُ على كِلَا التَّعْلِيلَيْنِ لَا يُخْرِجُ الثَّمَنَ عن كَوْنِهِ مَجْهُولًا حَالَةَ الْعَقْدِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فإن كَثِيرًا من الناس بَلْ كلهم إلَّا قَلِيلًا يَعْلَمُ قِيمَةَ الدِّينَارِ من الدَّرَاهِمِ فَلَا تَحْصُلُ الْجَهَالَةُ حَالَةَ الْعَقْدِ لِغَالِبِ الناس على التَّعْلِيلِ الثَّانِي‏.‏

قَوْلُهُ وفي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ‏.‏

في تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وجهين ‏[‏وجهان‏]‏‏.‏

أَحَدُهُمَا لو بَاعَ مَجْهُولًا وَمَعْلُومًا هذا يَصِحُّ أَطْلَقَ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ الْجَهْلَ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ يَجْهَلُ قِيمَتَهُ مُطْلَقًا‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ مَجْهُولًا لَا مَطْمَعَ في مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ جَمَعَ بين مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ وَقِيلَ يَتَعَذَّرُ عِلْمُ قِيمَتِهِ انْتَهَى‏.‏

فَأَمَّا إنْ قال لِكُلِّ وَاحِدٍ كَذَا فَفِيهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ إنْ قُلْنَا الْعِلَّةُ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ لم يَصِحَّ الْبَيْعُ وَإِنْ قُلْنَا الْعِلَّةُ جَهَالَةُ الثَّمَنِ في الْحَالِ صَحَّ الْبَيْعُ‏.‏

وَعَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ يَدْخُلُ الرَّهْنُ وَالْهِبَةُ وَالنِّكَاحُ وَنَظَائِرُهَا‏.‏

وَذَكَرَ التَّعْلِيلَيْنِ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ بِالصِّحَّةِ في الْمَعْلُومِ‏.‏

قُلْت هو الصَّوَابُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو بَاعَهُ بِمِائَةٍ وَرِطْلِ خَمْرٍ فَسَدَ الْبَيْعُ وَخَرَّجَ في الِانْتِصَارِ صِحَّتُهُ على رِوَايَةٍ‏.‏

قَوْلُهُ الثَّانِيَةُ بَاعَ مُشَاعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا أو ما يَنْقَسِمُ عليه الثَّمَنُ بِالْأَجْزَاءِ كَقَفِيزَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ لَهُمَا فَيَصِحُّ في نَصِيبِهِ بِقِسْطِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا لم يَكُنْ عَالِمًا‏.‏

هو الْمَذْهَبُ كما قال وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ صَحَّ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ وَهُمَا وَجْهَانِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ له الْأَرْشُ إذَا لم يَكُنْ عَالِمًا وَأَمْسَكَ بِالْقِسْطِ فِيمَا يَنْقُصُ بِالتَّفْرِيقِ ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي في الضَّمَانِ‏.‏

قَوْلُهُ الثَّالِثَةُ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أو عَبْدًا وَحُرًّا أو خَلًّا وَخَمْرًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ‏.‏

أُولَاهُمَا لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَالْأُخْرَى يَصِحُّ في عَبْدِهِ وفي الْخَلِّ بِقِسْطِهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وقال هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ‏.‏

وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ لم يَصِحَّ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ لم يَصِحَّ رِوَايَةً وَاحِدَةً‏.‏

وقال الْأَزَجِيُّ إنْ كان ما لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ عليه غير قَابِلٍ لِلْمُعَاوَضَةِ بِالْكُلِّيَّةِ كَالطَّرِيقِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَعَلَى قِيَاسِهِ الْخَمْرُ وَإِنْ كان قَابِلًا لِلصِّحَّةِ فَفِيهِ الْخِلَافُ‏.‏

قال في أَوَاخِرِ الْقَوَاعِدِ وَلَا يَثْبُتُ ذلك في الْمَذْهَبِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَأْخُذُ الْعَبْدَ وَالْخَلَّ بِقِسْطِهِ على الصَّحِيحِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَقِيلَ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ‏.‏

قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ في بَابِ الضَّمَانِ يَصِحُّ الْعَقْدُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أو يُرَدُّ‏.‏

قال في أَوَاخِرِ الْقَوَاعِدِ وَهَذَا في غَايَةِ الْفَسَادِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ هذا بِمَنْ كان عَالِمًا بِالْحَالِ وَأَنَّ بَعْضَ الْمَعْقُودِ عليه لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عليه فَيَكُونُ قد دخل على بَدَلِ الثَّمَنِ في مُقَابَلَةِ ما يَصِحُّ الْعَقْدُ عليه خَاصَّةً كما نَقُولُ فِيمَنْ أَوْصَى لِحَيٍّ وَمَيِّتِ يَعْلَمُ مَوْتَهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ كُلَّهَا لِلْحَيِّ

‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ يَأْخُذُ عَبْدَ الْبَائِعِ بِقِسْطِهِ على قَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدَيْنِ‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَجْهًا في بَابِ الشَّرِكَةِ وَالْكِتَابَةِ من الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ أَنَّ الثَّمَنَ يُقَسَّطُ على عَدَدِ الْمَبِيعِ لَا الْقِيَمِ ذَكَرَاهُ فِيمَا إذَا بَاعَ عَبْدَيْنِ أَحَدُهُمَا له وَالْآخَرُ لِغَيْرِهِ كما لو تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ‏.‏

قال في آخِرِ الْقَوَاعِدِ وهو بَعِيدٌ جِدًّا وَلَا أَظُنُّهُ يَطَّرِدُ إلَّا فِيمَا إذَا كان جِنْسًا‏.‏

وَاحِدًا وَيَأْخُذُ الْخَلَّ بِأَنْ يُقَدِّرَ الْخَمْرَ خَلًّا على قَوْلٍ كَالْحُرِّ يُقَدَّرُ عَبْدًا جَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَقِيلَ بَلْ يَعْتَبِرُ قِيمَةَ الْخَمْرِ عِنْدَ أَهْلِهَا‏.‏

قال ابن حَمْدَانَ قُلْت إنْ قُلْنَا نَضْمَنُ لهم انْتَهَى‏.‏

قُلْت وَهَذَا ضَعِيفٌ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا مَتَى صَحَّ الْبَيْعُ كان لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَثْبُتُ له الْخِيَارُ أَيْضًا ذَكَرَهُ عنه في الْفَائِقِ‏.‏

الثَّانِيَةُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَالْحُكْمُ في الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ إذَا جَمَعَتْ ما يَجُوزُ وما لَا يَجُوزُ كَالْحُكْمِ في الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ فيها الصِّحَّةُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عُقُودَ مُعَاوَضَةٍ فَلَا تُوجَدُ جَهَالَةُ الْعِوَضِ فيها وقد تَقَدَّمَ كَلَامُهُ في التَّلْخِيصِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَهَلْ يَصِحُّ على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا‏.‏

أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو عَجِيبٌ منه إذْ الْمَنْصُوصُ الْأَوَّلُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هذا أَقْيَسُ‏.‏

فوائد‏:‏

‏.‏

منها مِثْلُ هذه الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو بَاعَ عَبْدَيْهِ الِاثْنَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدٌ وَكَذَا لو اشْتَرَاهُمَا مِنْهُمَا لَكِنْ قَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ عَدَمَ الصِّحَّةِ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ حُكْمًا ثُمَّ قال وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ صَحَّ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وهو قِيَاسُ نَصِّ أَحْمَدَ انْتَهَى‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ في الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ يُقَسَّطُ الثَّمَنُ على قَدْرِ الْقِيمَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَذَكَرَ في الْمُنْتَخَبِ وَجْهًا في الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ يُقَسَّطُ الثَّمَنُ على قَدْرِ الْقِيمَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَذَكَرَ في الْمُنْتَخَبِ وَجْهًا في الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ يُقَسَّطُ الثَّمَنُ على عَدَدِهِمَا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ في غَيْرِهَا‏.‏

ومنها ‏[‏ومنهما‏]‏ لو كان لِاثْنَيْنِ عَبْدَانِ مُفْرَدَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدٌ فَبَاعَهُمَا لِرَجُلَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ عَبْدًا مُعَيَّنًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَقِيلَ لَا يَصِحُّ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَقْسِمَانِ الثَّمَنَ على قَدْرِ قِيمَتَيْ الْعَبْدَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَجْهًا يَقْتَسِمَانِهِ على عَدَدِ رؤوس الْمَبِيعِ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ‏.‏

وَمِنْهَا الْإِجَارَةُ مِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا‏.‏

وَمِنْهَا لو اشْتَبَهَ عَبْدُهُ بِعَبْدِ غَيْرِهِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا ولم يَصِحَّ بَيْعُ أَحَدِهِمَا قبل الْقُرْعَةِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الكبرى ‏[‏الصغرى‏]‏ وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي في خِلَافِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ أَذِنَ شَرِيكُهُ‏.‏

وَقِيلَ بَلْ يَبِيعُهُ وكيلهما ‏[‏وكليهما‏]‏ أو أَحَدَهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْلَهُ ويقسم ‏[‏وقسم‏]‏ الثَّمَنَ بَيْنَهُمَا بِقِيمَةِ الْعَبْدَيْنِ‏.‏

قال الْقَاضِي في خِلَافِهِ هذا أَجْوَدُ ما يُقَالُ فيه كما قُلْنَا في زَيْتٍ اخْتَلَطَ بِزَيْتٍ لِآخَرَ وَأَحَدُهُمَا أَجْوَدُ من الْآخَرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ جَمَعَ بين بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ أو بَيْعٍ وَصَرْفٍ‏.‏

يَعْنِي بِثَمَنٍ وَاحِدٍ صَحَّ فِيهِمَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يصح ‏[‏صح‏]‏ وهو الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه قال النَّاظِمُ هو الْأَقْوَى صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَجُوزُ الْجَمْعُ بين الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ في عَقْدٍ وَاحِدٍ في أَظْهَرِ قَوْلِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

قال في الْخُلَاصَةِ لو اشْتَرَى ثَوْبًا وَدَرَاهِمَ بِدِينَارٍ أو اشْتَرَى دَارًا وَسُكْنَى دَارٍ بِمِائَةٍ لم يَصِحَّ في الْأَصَحِّ وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُقَسَّطُ الْعِوَضُ عَلَيْهِمَا قَوْلًا وَاحِدًا كما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو جَمَعَ بين بَيْعٍ وَخُلْعٍ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ فَالْحُكْمُ كما تَقَدَّمَ في الْجَمْعِ بين الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أو الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو جَمَعَ بين بَيْعٍ وَنِكَاحٍ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ فقال زَوَّجْتُك ابْنَتِي وَبِعْتُك دَارِي بِمِائَةٍ صَحَّ في النِّكَاحِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وفي الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ صَحَّ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ وَإِنْ جَمَعَ بين بَيْعٍ وَنِكَاحٍ بَطَلَا وَقِيلَ يَصِحَّانِ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ إذَا جَمَعَ بين مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ كَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْبَيْعِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

فَجَعَلُوا الْجَمْعَ بين النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ كَالْجَمْعِ بين الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَيْضًا على الصَّحِيحِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ اخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ جَمَعَ بين كِتَابَةٍ وَبَيْعٍ فَكَاتَبَ عَبْدَهُ وَبَاعَهُ شيئا صَفْقَةً وَاحِدَةً بَطَلَ الْبَيْعُ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ في الْبُيُوعِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ وَقِيلَ الصِّحَّةُ مَنْصُوصُ احمد وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ في النِّكَاحِ وأبو الْخَطَّابِ‏.‏

وَالْأَكْثَرُونَ اكْتَفَوْا بِاقْتِرَانِ الْبَيْعِ بِشَرْطِهِ وهو كَوْنُ الْمُشْتَرِي مُكَاتَبًا يَصِحُّ مُعَامَلَتُهُ لِلسَّيِّدِ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْخَمْسِينَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

قَوْلُهُ وفي الْكِتَابَةِ وَجْهَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ‏.‏

قال الشَّارِحُ وَهَلْ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ يَنْبَنِي على الرِّوَايَتَيْنِ في تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالْحَاوِيَيْنِ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وفي الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ‏.‏

فائدة‏:‏

تَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أو الْمُشْتَرِي أو الْمَبِيعِ أو بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

قال ابن الزَّاغُونِيِّ في الْمَبْسُوطِ نَصَّ أَحْمَدُ أَنَّ شِرَاءَ الِاثْنَيْنِ من الْوَاحِدِ عَقْدَانِ وَصَفْقَتَانِ‏.‏

وقال الْحَارِثِيُّ لو بَاعَ اثْنَانِ نَصِيبَهُمَا من اثْنَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فقال أَصْحَابُنَا هِيَ بِمَثَابَةِ أَرْبَعِ عُقُودٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَا هِيَ أَرْبَعَةُ عُقُودٍ إذْ عَقْدُ الْوَاحِدِ مع الِاثْنَيْنِ عَقْدَانِ انْتَهَيَا‏.‏

وَقِيلَ لَا تَتَعَدَّدُ بِحَالٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ فَقَطْ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ اتَّحَدَ الْوَكِيلُ دُونَ الْمُوَكِّلِ أو بِالْعَكْسِ فَاحْتِمَالَانِ وَالْأَظْهَرُ الِاعْتِبَارُ بِالْمُوَكِّلِ فَإِنْ قال لِاثْنَيْنِ بِعْتُكُمَا هذا فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا وَقُلْنَا تَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ يَأْتِي ذلك في بَابِ الشُّفْعَةِ مُحَرَّرًا إنْ شَاءَ اللَّهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ بَعْدَ نِدَائِهَا‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ بِشَرْطِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ مع التَّحْرِيمِ وهو رِوَايَةٌ في الْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا وَالتَّفْرِيعُ على الْأَوَّلِ‏.‏

تنبيهات‏:‏

الْأَوَّلُ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم تَكُنْ حاجة ‏[‏الحاجة‏]‏ فَإِنْ كان ثَمَّ حَاجَةٌ صَحَّ الْبَيْعُ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَالْحَاجَةُ هُنَا كَالْمُضْطَرِّ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إذَا وَجَدَهُ يُبَاعُ وَالْعُرْيَانِ إذَا وَجَدَ السُّتْرَةَ تُبَاعُ وَكَذَا كَفَنُ الْمَيِّتِ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ إذَا خِيفَ عليه الْفَسَادُ بِالتَّأْخِيرِ وَكَذَا لو وَجَدَ أَبَاهُ يُبَاعُ وهو مع من لو تَرَكَهُ معه رَحَلَ وَفَاتَهُ الشِّرَاءُ‏.‏

وَكَذَا على الصَّحِيحِ لو لم يَجِدْ مَرْكُوبًا وكان عَاجِزًا أو لم يَجِدْ الضَّرِيرُ قَائِدًا وَوَجَدَ ذلك يُبَاعُ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ‏.‏

وقال في الْفَائِقِ وَلَوْ كان الشِّرَاءُ لِآلَةِ الصَّلَاةِ أو الْمُشْتَرِي أَبَاهُ جَازَ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

قال ابن تَمِيمٍ لَا بَأْسَ بِشِرَاءِ مَاءٍ لِلطَّهَارَةِ بَعْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ وَكَذَا قال في الرِّعَايَةِ وزاد وَلَهُ شِرَاءُ السُّتْرَةِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

الثَّانِي مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ نِدَائِهَا النِّدَاءُ الثَّانِي الذي عِنْدَ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ ابْتِدَاءُ الْمَنْعِ من ‏[‏مع‏]‏ النِّدَاءِ الْأَوَّلِ وهو الذي يُقَالُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ‏.‏

وَعَنْهُ الْمَنْعُ من أَوَّلِ دُخُولِ الْوَقْتِ وَقَدَّمَهُ في الْمُنْتَخَبِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ‏.‏

وَالرِّوَايَتَانِ لِلْقَاضِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ بِالزَّوَالِ‏.‏

وَأَطْلَقَ هذه الرِّوَايَةَ وَالرِّوَايَةَ الْأُولَى في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ‏.‏

الثَّالِثُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ من تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ أنها إذَا لم تَلْزَمْهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ من مَرِيضٍ وَنَحْوِهِ دُونَ غَيْرِهِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُبَاحُ على الصَّحِيحِ‏.‏

وَقِيلَ يُكْرَهُ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ في الْأَسْوَاقِ‏.‏

الرَّابِعُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لو كان أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَه ابن عقيل وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمَا وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَإِنْ كان أَحَدُهُمَا مُخَاطَبًا بها دُونَ الْآخَرِ حَرُمَ على الْمُخَاطَبِ وَكُرِهَ لِلْآخَرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحْرُمَ وَهَذَا هو الذي قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الْفُصُولِ يَحْرُمُ على من تَجِبُ عليه وَيَأْثَمُ فَقَطْ كَالْمُحْرِمِ يَشْتَرِي صَيْدًا من مَحَلٍّ ثَمَنُهُ حَلَالٌ لِلْمَحَلِّ وَالصَّيْدُ حَرَامٌ على الْمُحْرِمِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال‏.‏

الْخَامِسُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّهُ لو وُجِدَ الْإِيجَابُ قبل النِّدَاءِ وَالْقَبُولُ بَعْدَهُ أَنَّهُ يَصِحُّ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ صُدُورِ الْبَيْعِ بَعْدَ النِّدَاءِ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ كَهُوَ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَاخْتَارَه ابن عقيل في الْفُنُونِ‏.‏

السَّادِسُ ظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ بِالْجُمُعَةِ صِحَّةُ الْبَيْعِ بَعْدَ نِدَاءِ غَيْرِهَا من الصَّلَوَاتِ من غَيْرِ تَحْرِيمٍ فَشَمِلَ صُورَتَيْنِ‏.‏

إحْدَاهُمَا إذَا لم يَتَضَيَّقْ الْوَقْتُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنْ لَا يَحْرُمَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَقِيلَ يَحْرُمُ وهو احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ‏.‏

قُلْت وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحْرُمَ إذَا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ بِذَلِكَ وَتَعَذَّرَ عليه جَمَاعَةٌ أُخْرَى حَيْثُ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا‏.‏

وَالثَّانِيَةُ إذَا تَضَيَّقَ حَرُمَ الْبَيْعُ وفي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ قال في الرِّعَايَةِ الْبُطْلَانُ أَقْيَسُ‏.‏

قال في الْفَائِقِ بَعْدَ ذِكْرِ حُكْمِ الْجُمُعَةِ وَلَوْ ضَاقَ وَقْتُ صَلَاةٍ فَكَذَا حُكْمُهُ في التَّحْرِيمِ وَالِانْعِقَادِ وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وهو الصَّوَابُ وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي ذلك وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِانْعِقَادِ النَّافِلَةِ مع ضِيقِ الْوَقْتِ عن الْفَرِيضَةِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ مع التَّحْرِيمِ قال في الرِّعَايَةِ وهو أَشْهَرُ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا لو اخْتَارَ إمْضَاءَ عَقْدِ بَيْعِ الْخِيَارِ بَعْدَ النِّدَاءِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ صَحَّ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ‏.‏

الثَّانِيَةُ تَحْرُمُ الْمُنَادَاةُ وَالْمُسَاوَمَةُ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يُشْغِلُ حَيْثُ قُلْنَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ‏.‏

الثَّالِثَةُ يَسْتَوِي في ذلك بَيْعُ الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ وَكَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَسَائِرُ الْعُقُودِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَصِيرِ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا وَلَا بَيْعُ السِّلَاحِ في الْفِتْنَةِ وَلِأَهْلِ الْحَرْبِ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ مع التَّحْرِيمِ‏.‏

وَعَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِ الْعَصِيرِ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ هذا الْخِلَافِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يَفْعَلُ بِهِ ذلك على الصَّحِيحِ‏.‏

وَقِيلَ أو ظَنَّهُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وهو ظَاهِرُ نَقْل ابن الْحَكَمِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

فائدة‏:‏

مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ بَيْعُ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ لِمَنْ يَشْرَبُ عليه الْمُسْكِرَ وَكَذَا الْأَقْدَاحُ لِمَنْ يَشْرَبُ بها وَكَذَا الْجَوْزُ وَالْبَيْضُ وَنَحْوُهُمَا لِلْقِمَارِ‏.‏

وَكَذَا بَيْعُ الْأَمَةِ وَالْغُلَامِ لِمَنْ عُرِفَ بِوَطْءِ الدُّبُرِ أو لِلْغِنَاءِ أَمَّا بَيْعُ السِّلَاحِ لِأَهْلِ الْعَدْلِ كَقِتَالِ الْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ فَجَائِزٌ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ في الْجُمْلَةِ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ في طَرِيقَتِهِ رِوَايَةً بِصِحَّةِ بَيْعِهِ لِكَافِرٍ كَمَذْهَبِ أبي حَنِيفَةَ وَيُؤْمَرُ بِبَيْعِهِ أو كِتَابَتِهِ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عليه فَيَصِحُّ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في أَوَاخِرِ الْعِتْقِ وَإِنْ اشْتَرَى الْكَافِرُ أَبَاهُ الْمُسْلِمَ صَحَّ على الْأَصَحِّ وَعَتَقَ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وقال نُصَّ عليه وَقَدَّمَهُ النَّاظِمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ‏.‏

وَيَأْتِي في بَابِ الْوَلَاءِ إذَا قال الْكَافِرُ لِرَجُلٍ أَعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ هل يَصِحُّ أَمْ لَا‏.‏

وَيَأْتِي في كِتَابِ الْعِتْقِ إذَا أَعْتَقَ الْكَافِرُ نَصِيبَهُ من مُسْلِمٍ وهو مُوسِرٌ هل يَسْرِي إلَى بَاقِيهِ أَمْ لَا‏.‏

فائدة‏:‏

لو وَكَّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا في شِرَاءِ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من‏.‏

الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهُمَا النَّاظِمُ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ سمي الْمُوَكِّلُ في الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال في الْوَاضِحِ إنْ كَفَّرَ بِالْعِتْقِ وَكَّلَ من يَشْتَرِيهِ له وَيُعْتِقُهُ‏.‏

وقال في الِانْتِصَارِ لَا يَبِيعُ الْكَافِرَ آبِقًا وَيُوَكِّلُ فيه لِمَنْ هو في يَدِهِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ كِتَابِ الْجِهَادِ هل يَبِيعُ من اُسْتُرِقَّ من الْكُفَّارِ لِلْكُفَّارِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَتَقَدَّمَ الْمَذْهَبُ في ذلك‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ عبد الذِّمِّيِّ أُجْبِرَ على إزَالَةِ مِلْكِهِ عنه بِلَا نِزَاعٍ وَلَيْسَ له كِتَابَتُهُ‏.‏

هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وقال هو أَوْلَى وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ في أَوَاخِرِ بَابِ الْكِتَابَةِ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ التَّدْبِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ في بَابِ الْكِتَابَةِ‏.‏

وقال الْقَاضِي له ذلك جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَحَكَى في الْفُرُوعِ عن أبي بَكْرٍ أنها تَكْفِي‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ صَحَّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَيَكْفِي في الْأَصَحِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ في بَابِ الْكِتَابَةِ‏.‏

وَيَأْتِي إذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ أو أُمُّ وَلَدِهِ في بَابِ التَّدْبِيرِ وفي الِاكْتِفَاءِ بِالْكِتَابَةِ إذَا وَرِثَهُ الْوَجْهَانِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا‏.‏

فائدة‏:‏

قِيلَ يَدْخُلُ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ في مِلْكِ الْكَافِرِ ابْتِدَاءً في سَبْعِ مَسَائِلَ‏.‏

إحْدَاهَا الْإِرْثُ‏.‏

الثَّانِيَةُ اسْتِرْجَاعُهُ بِإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي يَعْنِي لو اشْتَرَى عَبْدًا كَافِرًا من كَافِرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ وَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي وَحُجِرَ عليه‏.‏

الثَّالِثَةُ إذَا رَجَعَ في هِبَتِهِ لِوَلَدِهِ يَعْنِي لو وَهَبَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ لِوَلَدِهِ الْمُسْلِمِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ وَرَجَعَ في هِبَتِهِ‏.‏

الرَّابِعَةُ إذَا رُدَّ عليه بِعَيْبٍ يَعْنِي إذَا بَاعَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ فَرَدَّهُ وَحَكَى في الْقَوَاعِدِ فيه وَفِيمَا يُشَابِهُهُ وَجْهَيْنِ‏.‏

الْخَامِسَةُ إذَا قال الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ أَعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي وَصَحَّحْنَاهُ على ما يَأْتِي في بَابِ الْوَلَاءِ‏.‏

السَّادِسَةُ إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ عَجَزَ عن نَفْسِهِ على قَوْلٍ‏.‏

السَّابِعَةُ إذَا اشْتَرَى من يُعْتَقُ عليه على ما تَقَدَّمَ‏.‏

قُلْت وَتَأْتِي ثَامِنَةٌ وَهِيَ جَوَازُ شِرَائِهِ وَيُؤْمَرُ بِبَيْعِهِ وَكِتَابَتِهِ على رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ في طَرِيقَتِهِ‏.‏

وَتَاسِعَةٌ وَهِيَ ما إذَا مَلَكَهُ الْحَرْبِيُّ وَقُلْنَا إنَّهُ يَمْلِكُ مَالَنَا بِالِاسْتِيلَاءِ على ما تَقَدَّمَ في قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ‏.‏

وَعَاشِرَةٌ وَهِيَ إذَا اسْتَوْلَدَ الْمُسْلِمُ أَمَةَ الْكَافِرِ قَالَه ابن رجب في الْقَاعِدَةِ الْخَمْسِينَ وقال يَمْلِكُ الْكَافِرُ الْمَصَاحِفَ بِالْإِرْثِ وَيَرُدُّهُ عليه بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ وَبِالْقَهْرِ‏.‏

وَحَادِيَةَ عَشَرَ وَهِيَ إذَا بَاعَ الْكَافِرُ عَبْدًا كَافِرًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ مُدَّةً وَأَسْلَمَ الْعَبْدُ فيها‏.‏

قُلْت وقد قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ هل يَمْلِكُ الْكَافِرُ فَسْخَ الْعَقْدِ بِإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي أو عَيْبِ الثَّمَنِ أو بِخِيَارٍ أو إذَا وَهَبَهُ لِابْنِهِ الْمُسْلِمِ أَمْ لَا‏.‏

قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَمْلِكُهُ وَلَا يُقَرُّ في مِلْكِهِ لِأَنَّ في مَنْعِهِ من ذلك إبْطَالَ حَقِّ الْعَقْدِ قال وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى‏.‏

وَيُؤْخَذُ من كَلَامِهِ صُورَةٌ أُخْرَى وَهِيَ ما إذَا وَجَدَ ثَمَنَهُ مَعِيبًا وَقُلْنَا الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَكَانَتْ مُعَيَّنَةً وَرَدَّهَا وكان قد أَسْلَمَ قبل ذلك‏.‏

فَتَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ مَسْأَلَةً‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الرَّجُلِ على بَيْعِ أَخِيهِ وهو أَنْ يَقُولَ لِمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ أنا أُعْطِيك مِثْلَهَا بِتِسْعَةٍ وَلَا شِرَاءُ الرَّجُلِ على شِرَاءِ أَخِيهِ وهو أَنْ يَقُولَ لِمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِتِسْعَةٍ عِنْدِي فيها عَشَرَةٌ لِيَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَعْقِدَ معه‏.‏

وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ فِيهِمَا وَيُتَصَوَّرُ ذلك في مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى في خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالثَّانِيَةُ في خِيَارِ الشَّرْطِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا‏.‏

قال ابن رَجَبٍ في شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ في شَرْحِ الحديث الْخَامِسِ وَالثَّلَاثِينَ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ بن مُشَيْشٍ قال وَمَالَ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَامٌّ في الْحَالَيْنِ انْتَهَى يَعْنِي في مُدَّةِ الْخِيَارِ وَبَعْدَهَا قال وهو قَوْلُ طَائِفَةٍ من أَصْحَابِنَا وهو أَظْهَرُ انْتَهَى وَعَلَّلَهُ تَبَعًا لِمَيْلِ غَيْرِهِمْ‏.‏

وَأَمَّا قبل الْعَقْدِ فَهُوَ سَوْمُهُ على سَوْمِ أَخِيهِ على ما يَأْتِي‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَهَلْ يَصِحُّ على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ أَعْنِي الْبَيْعَ الثَّانِي وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ‏.‏

قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ الْبَيْعُ بَاطِلٌ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ لم يَصِحَّ على الْأَصَحِّ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَشْهَرُهُمَا الْبُطْلَانُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْكَافِي‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَحْرُمُ الشِّرَاءُ على شِرَاءِ أَخِيهِ فَإِنْ فَعَلَ كان لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ بِالسِّلْعَةِ وَأَخْذُ الزِّيَادَةِ أو عِوَضِهَا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا سَوْمُهُ على سَوْمِ أَخِيهِ مُحَرَّمٌ مع الرِّضَى صَرِيحًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُكْرَهُ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَصِحُّ الْبَيْعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

وَظَاهِرُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أَنَّ في صِحَّةِ الْبَيْعِ روايتان ‏[‏روايتين‏]‏ وَإِنْ حَصَلَ الرِّضَى ظَاهِرًا لم يَحْرُمْ السَّوْمُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَحْرُمُ كَرِضَاهُ صَرِيحًا‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ لو قِيلَ بِالتَّحْرِيمِ هُنَا لَكَانَ وَجْهًا حَسَنًا وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ‏.‏

فَعَلَيْهِ لو تَسَاوَى الْأَمْرَانِ لم يَحْرُمْ على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

وَقِيلَ يَحْرُمُ أَيْضًا‏.‏

وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ منه ما يَدُلُّ على عَدَمِ الرِّضَى فإنه لَا يَحْرُمُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وَقَسَّمَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ السَّوْمَ على سَوْمِ اخيه كَالْخِطْبَةِ على خِطْبَةِ أَخِيهِ على ما يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

الثَّانِيَةُ سَوْمُ الْإِجَارَةِ كَالْبَيْعِ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَذَكَرَهُ عنه في الْفُرُوعِ في آخِرِ التَّصَرُّفِ في الْمَبِيعِ‏.‏

قُلْت وكذا اسْتِئْجَارُهُ على إجَارَةِ أَخِيهِ حَيْثُ قُلْنَا بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ فيها‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ قُلْت وَاسْتِئْجَارُهُ على اسْتِئْجَارِ أَخِيهِ وَاقْتِرَاضُهُ على اقْتِرَاضِ أَخِيهِ ولتهابه ‏[‏واتهابه‏]‏ على اتِّهَابِ أَخِيهِ مِثْلُ شِرَائِهِ على شِرَاءِ اخيه أو شِرَائِهِ على لتهابه ‏[‏اتهابه‏]‏ أو شِرَائِهِ على إصْدَاقِهِ وَنَحْوُ ذلك بِحَيْثُ تَخْتَلِفُ جِهَةُ الْمِلْكِ‏.‏

قَوْلُهُ وفي بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي رِوَايَتَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ بِشُرُوطِهِ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ حَرُمَ وَفَسَدَ الْعَقْدُ رَضُوا بِذَلِكَ أَمْ لَا في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ‏.‏

قال النَّاظِمُ وهو الْأَظْهَرُ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَالْخِرَقِيِّ وهو منها وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وَالْكَافِي‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ وَيَصِحُّ قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَيَصِحُّ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَجَعَل ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ الصِّحَّةَ على الْقَوْلِ بِزَوَالِ النَّهْيِ وَالْبُطْلَانَ على الْقَوْلِ بِبَقَائِهِ قال وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا الرِّوَايَتَانِ على الْقَوْلِ بِبَقَاءِ النهى انْتَهَى‏.‏

قُلْت ما قَالَه ابن منجا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ‏.‏

فَالرِّوَايَةُ الْوَارِدَةُ عن أَحْمَدَ تَدُلُّ على ذلك وَبِهَا اسْتَدَلَّا‏.‏

قال الشَّارِحُ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْمَذْهَبَ وَالنَّهْيَ عنه وَنَقَل ابن شَاقِلَا أَنَّ الْحَسَنَ بن عَلِيٍّ الْمِصْرِيَّ سَأَلَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ عن بَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ فقال لَا بَأْسَ بِهِ فقال له الْخَبَرُ الذي جاء بِالنَّهْيِ قال كان ذلك مَرَّةً قال فَظَاهِرُ هذا أَنَّ النَّهْيَ اخْتَصَّ بِأَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِمَا كان عليهم من الضِّيقِ في ذلك انْتَهَى‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُشْتَرَطُ لِعَدَمِ الصِّحَّةِ خَمْسُ شُرُوطٍ كما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وهو أَنْ يَحْضُرَ الْبَادِي لِبَيْعِ سِلْعَتِهِ بِسِعْرِ يَوْمِهَا جَاهِلًا بِسِعْرِهَا وَيَقْصِدُهُ الْحَاضِرُ وَتَكُونُ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ إلَيْهَا فَاجْتِمَاعُ هذه الشُّرُوطِ يُحَرِّمُ الْبَيْعَ وَيُبْطِلُهُ على الْمَذْهَبِ كما تَقَدَّمَ فَإِنْ اخْتَلَّ منها شَرْطٌ صَحَّ الْبَيْعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

ولم يذكر الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ إلَيْهَا‏.‏

قَوْلُهُ وَيَقْصِدُهُ الْحَاضِرُ‏.‏

هذا شَرْطٌ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فيه أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِالسِّعْرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يعرفه ‏[‏يشترط‏]‏‏.‏

قَوْلُهُ جَاهِلًا بِسِعْرِهَا‏.‏

يَعْنِي الْبَادِي وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ جَهْلُهُ بِالسِّعْرِ‏.‏

قَوْلُهُ أَنْ يَحْضُرَ الْبَادِي لِبَيْعِ سِلْعَتِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَعَنْهُ حُكْمُ ما إذَا وَجَّهَ بها الْبَادِي إلَى الْحَاضِرِ لِيَبِيعَهَا له حُكْمُ حُضُورِ الْبَادِي لِيَبِيعَهَا نَقَلَه ابن هَانِئٍ‏.‏

وَنَقْلُ الْمَرُّوذِيِّ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ جَزَمَ بِهِمَا الْخَلَّالُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ له‏.‏

قَوْلُهُ بِسِعْرِ يَوْمِهَا‏.‏

زَادَ بَعْضُهُمْ في هذا الشَّرْطِ أَنْ يَقْصِدَ الْبَيْعَ بِسِعْرِ يَوْمِهَا حَالًّا لَا نَسِيئَةً نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ ولم يذكر الْخِرَقِيُّ بِسِعْرِ يَوْمِهَا‏.‏

قَوْلُهُ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ له فَيَصِحُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَل ابن هَانِئٍ لَا يَشْتَرِي له وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ بَيْعُ التَّلْجِئَةِ وَالْهَازِلِ وَنَحْوِهِمَا فَلْيُعَاوَدْ‏.‏

فائدة‏:‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنُصَّ عليه أَنَّ النَّهْيَ في هذه الْمَسْأَلَةِ بَاقٍ‏.‏

وَعَنْهُ زَوَالُهُ وقال كان ذلك مَرَّةً وَالتَّفْرِيعُ على الْأَوَّلِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بنسيئة ‏[‏نسيئة‏]‏ لم يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهَا نَقْدًا إلَّا أَنْ تَكُونَ قد تَغَيَّرَتْ صِفَتُهَا‏.‏

هذه مَسْأَلَةُ الْعِينَةِ فِعْلُهَا مُحَرَّمٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ يَحْرُمُ اسْتِحْسَانًا وَيَجُوزُ قِيَاسًا وَكَذَا قال في التَّرْغِيبِ لم يَجُزْ اسْتِحْسَانًا وفي كَلَامِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ الْقِيَاسُ صِحَّةُ الْبَيْعِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُمْ أَنَّ الْقِيَاسَ خُولِفَ لِدَلِيلٍ رَاجِحٍ فَلَا خِلَافَ إذًا في الْمَسْأَلَةِ وَحَكَى الزَّرْكَشِيُّ بِالصِّحَّةِ قَوْلًا‏.‏

وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا أَنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ إذَا كان بَيَانًا بِلَا مُوَاطَأَةٍ وَإِلَّا بَطَلَا وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَ من أَطْلَقَ هذا إلَّا أَنَّهُ قال في الِانْتِصَارِ إذَا قَصَدَ بِالْأَوَّلِ الثَّانِي يَحْرُمُ وَرُبَّمَا قُلْنَا بِبُطْلَانِهِ‏.‏

وقال أَيْضًا يَحْتَمِلُ إنْ قَصَدَ أَنْ لَا يَصِحَّا وَإِنْ سَلِمَ فَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ خَلَا عن ذَرِيعَةِ الرِّبَا‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ لم يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيهَا بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهَا نَقْدًا‏.‏

قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ لَا يُشْتَرَطُ في التَّحْرِيمِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِنَقْدٍ بَلْ يَحْرُمُ شِرَاؤُهَا سَوَاءٌ كان بِنَقْدٍ أو نَسِيئَةٍ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ إذا ‏[‏ولم‏]‏ لم يَقُلْهُ أَحْمَدُ وَالْأَكْثَرُ بَلْ ولو ‏[‏لو‏]‏ كان بَعْدَ حَلِّ أَجَلِهِ نَقَلَه ابن الْقَاسِمِ وَسِنْدِيٌّ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا لو اشْتَرَاهَا بِعَرْضٍ أو كان بَيْعُهَا الْأَوَّلُ بِعَرْضٍ فَاشْتَرَاهَا بِنَقْدٍ جَازَ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ كان بِغَيْرِ جِنْسِهِ جَازَ انْتَهَى‏.‏

وَإِنْ بَاعَهَا بِنَقْدٍ وَاشْتَرَاهَا بِنَقْدٍ آخَرَ فقال الْأَصْحَابُ يَجُوزُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وفي الِانْتِصَارِ وَجْهٌ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كان بِعَرْضٍ فَلَا يَجُوزُ إذَا كان بِنَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

الثَّانِيَةُ من مَسَائِلِ الْعِينَةِ لو بَاعَهُ شيئا بِثَمَنٍ لم يَقْبِضْهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ نَقْدًا أو غير نَقْدٍ على الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ لم يَصِحَّ‏.‏

الثَّالِثَةُ عَكْسُ الْعِينَةِ مِثْلُهَا في الْحُكْمِ وَهِيَ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ حَالٍّ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِأَكْثَرَ نَسِيئَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَنَقَلَ أبو دَاوُد يَجُوزُ بِلَا حِيلَةٍ‏.‏

وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ بَاعَ شيئا ثُمَّ وَجَدَهُ يُبَاعُ أَيَشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ قال لَا وَلَكِنْ بِأَكْثَرَ لَا بَأْسَ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجُوزَ له شِرَاؤُهَا بِجِنْسِ الثَّمَنِ بِأَكْثَرَ منه إذَا لم تَكُنْ مُوَاطَأَةٌ وَلَا حِيلَةٌ بَلْ وَقَعَ اتِّفَاقًا من غَيْرِ قَصْدٍ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَاهُ أَبُوهُ أو ابْنُهُ جَازَ‏.‏

مُرَادُهُ إذَا لم يَكُنْ حِيلَةٌ فَإِنْ كان حِيلَةٌ لم يَجُزْ وَكَذَا يَجُوزُ له الشِّرَاءُ من غَيْرِ مُشْتَرِيهِ لَا من وَكِيلِهِ‏.‏

قال في الْفَائِقِ قُلْت بِشَرْطِ عَدَمِ الْمُوَاطَأَةِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت وهو مُرَادُ الْأَصْحَابِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو احْتَاجَ إلَى نَقْدٍ فَاشْتَرَى ما يُسَاوِي مِائَةً بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَلَا بَأْسَ نُصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ التَّوَرُّقِ‏.‏

وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَعَنْهُ يَحْرُمُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

فَإِنْ بَاعَهُ لِمَنْ اشْتَرَى منه لم يَجُزْ وَهِيَ الْعِينَةُ نُصَّ عليه‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ ما يَجْرِي فيه الرِّبَا نَسِيئَةً ثُمَّ اشْتَرَى منه بِثَمَنِهِ قبل قَبْضِهِ من جِنْسِهِ أو ما لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ نَسِيئَةً لم يَجُزْ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الصِّحَّةَ مُطْلَقًا إذَا لم يَكُنْ حِيلَةٌ وقال قِيَاسُ مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ أَخْذُ عَيْنِ جِنْسِهِ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الصِّحَّةَ إذَا كان ثَمَّ حَاجَةٌ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

تنبيه‏:‏

شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَتَيْنِ‏.‏

إحْدَاهُمَا أَنْ يَبِيعَهُ كَيْلَ بُرٍّ إلَى شَهْرٍ بِمِائَةٍ ثُمَّ يَشْتَرِي بِثَمَنِهِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِ‏.‏

منه بُرًّا فَلَا يَجُوزُ قال في التَّلْخِيصِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَنُصَّ عليه‏.‏

الثَّانِيَةُ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ منه شَعِيرًا أو غَيْرَهُ مِمَّا يَجْرِي فيه الرِّبَا نَسِيئَةً فَلَا يَجُوزُ‏.‏

فوائد‏:‏

الْبَابِ‏.‏

يَحْرُمُ التَّسْعِيرُ وَيُكْرَهُ الشِّرَاءُ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَإِنْ هَدَّدَ من خَالَفَهُ حَرُمَ وَبَطَلَ الْعَقْدُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِأَحَدِهِمَا‏.‏

هل الْوَعِيدُ إكْرَاهٌ أَمْ لَا‏.‏

وَيَحْرُمُ قَوْلُهُ بِعْ كَالنَّاسِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يَحْرُمُ‏.‏

وَأَوْجَبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إلْزَامَهُمْ الْمُعَاوَضَةَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وقال لَا نِزَاعَ فيه لِأَنَّهَا مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى‏.‏

وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ من مَكَان أَلْزَمَ الناس بِهِمَا فيه لَا الشِّرَاءَ مِمَّنْ اشْتَرَى منه‏.‏

وَكَرِهَ أَيْضًا الشِّرَاءَ بِلَا حَاجَةٍ من جَالِسٍ على الطَّرِيقِ وَمِنْ بَائِعٍ مُضْطَرٍّ وَنَحْوِهِ‏.‏

وقال في الْمُنْتَخَبِ لِبَيْعِهِ بِدُونِ ثَمَنِهِ‏.‏

وَيَحْرُمُ الِاحْتِكَارُ في قُوتِ الْآدَمِيِّ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ‏.‏

وَعَنْهُ يَحْرُمُ أَيْضًا فِيمَا يَأْكُلُهُ الناس وَعَنْهُ أو يَضُرُّهُمْ ادخاره بِشِرَائِهِ في ضِيقٍ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ من بَلَدِهِ لَا جَالِبًا وَالْأَوَّلُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ‏.‏

وَيَصِحُّ شِرَاءُ مُحْتَكِرٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وفي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ‏.‏

وفي كَرَاهَةِ التِّجَارَةِ في الطَّعَامِ إذَا لم يُرِدْ الْحُكْرَةَ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ جَلَبَ شيئا أو اسْتَغَلَّهُ من مِلْكِهِ أو مِمَّا اسْتَأْجَرَهُ أو اشْتَرَاهُ زَمَنَ الرُّخْصِ ولم يُضَيِّقْ على الناس إذَنْ أو اشْتَرَاهُ من بَلَدٍ كَبِيرٍ كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ وَمِصْرَ وَنَحْوِهَا فَلَهُ حَبْسُهُ حتى يَغْلُوَ وَلَيْسَ مُحْتَكِرًا نُصَّ عليه وَتَرْكُ ادِّخَارِهِ لِذَلِكَ أَوْلَى انْتَهَى‏.‏

وقال الْقَاضِي يُكْرَهُ إنْ تَرَبَّصَ بِهِ السِّعْرَ لَا جَالِبًا بِسِعْرِ يَوْمِهِ‏.‏

نَقَلَ عبد اللَّهِ وَحَنْبَلٌ الْجَالِبُ أَحْسَنُ حَالًا وَأَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ ما لم يَحْتَكِرْ‏.‏

وقال لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَمَنَّى الْغَلَاءَ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

وَيُجْبَرُ الْمُحْتَكِرُ على بَيْعِهِ كما يَبِيعُ الناس فَإِنْ أَبَى وَخِيفَ التَّلَفُ فَرَّقَهُ الْإِمَامُ وَيَرُدُّونَ مثله‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ قِيمَتُهُ‏.‏

قُلْت وهو قَوِيٌّ‏.‏

وَكَذَا سِلَاحٌ لِحَاجَةٍ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

قُلْت وَأَوْلَى‏.‏

وَلَا يُكْرَهُ ادِّخَارُ قُوتٍ لِأَهْلِهِ وَدَوَابِّهِ نُصَّ عليه وَنَقَلَ جَعْفَرٌ سَنَةً وَسَنَتَيْنِ وَلَا يَنْوِي التِّجَارَةَ فَأَرْجُو أَنْ لَا يُضَيِّقَ‏.‏

وَمَنْ ضَمِنَ مَكَانًا لِيَبِيعَ فيه وَيَشْتَرِي وَحْدَهُ كُرِهَ الشِّرَاءُ منه بِلَا حَاجَةٍ وَيَحْرُمُ عليه أَخْذُ زِيَادَةٍ بِلَا حَقٍّ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏